مقالات
تريند

د. مزمل أبو القاسم يكتب …. مزيج العناد.. والفساد

سوداني نت:

* عندما همَّ وزير المالية بإقرار مشروع موازنة 2020 المستنِد في أساسه إلى رفع الدعم عن الوقود والقمح هبَّت جموع قوى الحرية والتغيير لترفض ذلك التوجه، متعللةً بأنها لا تريد أن تكافئ شعبها على ثورته بالمزيد من الغلاء والمعاناة، وتربط تنفيذ أي سياسات جديدة بعقد مؤتمرٍ اقتصاديٍ، حددت شهر مارس المقبل موعداً لانعقاده.

* كان من السهل دحض المسوغات التي طرحها البدوي لتعليل إصراره على تنفيذ وصفة البنك الدولي القديمة بفسادها المعلوم، لأن الحديث عن أن الوقود السوداني يعد الأرخص في العالم تنسخه حقيقة أوفر إيلاماً، وأكثر رسوخاً، مفادها أن معدل دخل الفرد في السودان يعد من بين الأضعف عالمياً.

* استجاب الوزير ظاهرياً للقرار، وإن لم يخفِ تبرمه منه، لتذكر بعض وسائل الإعلام أنه لوَّح باحتمال ترجله من المنصب، ويشير البعض إلى أنه فعل ذلك، لكن جوديةً قادها الإمام الصادق المهدي وآخرون أفلحت في إثنائه عن الاستقالة.

* صدر بعد ذلك أمر الصرف للمؤسسات الحكومية من الميزانية الجديدة في العشرين من الشهر المنصرم، فتساءلنا من أي ميزانية، وبأي كيفية سيتم الصرف طالما أن المشروع الذي قدمه وزير المالية لمجلس الوزراء تم رفضه، فلم نحِر جواباً.

* واضح أن استجابة مجلس الوزراء في عمومه، ووزيري المالية والطاقة لضغوط الحاضنة السياسية التي أتت بهم كانت تكتيكية التوجه، وقتية الأثر، بدليل أنهم شرعوا في رفع الدعم فعلياً عن الوقود والخبز، بتحديد حصة ضئيلة للسيارات الخاصة من البنزين، وإقرار سعر تجاري للراغبين في المزيد، مع تطبيق التوجه نفسه على الخبز، بمنتجٍ تجاريٍ ذي سعرٍ مضاعف.

* القراران يؤكدان أن الحكومة التفت على التوجه الذي تبنته قوى الحرية والتغيير وتحايلت عليه، وشرعت في رفع الدعم قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي، الذي لم نسمع عنه خبراً، ولم نر لتحضيراته أثراً، مما يرجح عدم انعقاده في التوقيت المعلن، أو كلفتته على عجل لإقرار الأمر الواقع، والتأمين على ما تمَّ فعلياً، بما يشبه الجس الذي يعقب الذبح.

* المزعج أكثر أن وزارة المالية مضت أبعد من ذلك وشرعت في تعويم الجنيه بلا سابق دراسة، وطبقت ذلك فعلياً مع شركة الفاخر، عندما اشترت منها دولارات الصادر بسعر السوق الموازية، مثلما منحتها حصرية تصدير الذهب باتفاقٍ مبهم، لم تعلن تفاصيله حتى اللحظة.

* كان من الطبيعي أن ينعكس ذلك التخبط المريع سلباً على الاقتصاد الكلي، بارتفاع مؤشر التضخم، وتفشي الغلاء أكثر، وانخفاضٍ مريعٍ ومتواتر لقيمة العملة الوطنية في مواجهة الدولار، المتجه إلى المزيد من الارتفاع.

* للأسف دخلنا مرحلة تنفيذ وصفة صندوق النقد الدولي الفاسدة قبل دراسة آثارها المتوقعة على الاقتصاد والناس بالمؤتمر الاقتصادي الذي فقد قيمته، وانعدمت مسبباته، بعد أن ركب وزير المالية رأسه، وحدث ما حدث!

* أكدت صفقة الفاخر المشبوهة أن الملف الاقتصادي يدار بطريقة (البصيرة أم حمد)، وأن رفع الدعم تم بوصفةٍ عشوائية، تفتقر إلى الدراسة، ويمتزج فيها العناد مع الفساد، ويسودها الاستخفاف بمعاناة الناس.

* المشهد الاقتصادي الحالي قاتم، بل محزن ومحبط.

* نذكِّر الحاكمين بأن الاستخفاف بمعاناة الناس والعجز عن توفير سبل العيش الكريم لهم تسببا في سقوط السابقين، ولا نستبعد أو يوديا بسلطة اللاحقين.

* خير لكم أن تنتبهوا قبل أن ترتد عليكم أفعالكم وينقلب عليكم من أتوا بكم، فالعاقل من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ به الناس.

 

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٣)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٤)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٥)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!