مقالات
تريند

عادل عسوم يكتب: خواطر رمضانية (الخاطرة السابعة والعشرون) وأذٍِن في النَّاسِ بالحَجْ”! 30/27

سوداني نت:

ما أن وصلتُ أرض مكة المكرمة مقبولا للدراسة في جامعة أم القرى، حرصتُ بأن أذهب إلى جبل أبي قبيس، وذلك لحاجة في نفسي قضيتها!.
لقد كان السبب الرئيس في ذلك هذه الآية الكريمة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} الحج 27
فمنذ أن قرأت هذه الآية الكريمة ظل يتردد في دواخلي سؤالٌ مفاده:
كيف للناس أن يصلهم أذان نبي الله إبراهيم بالحج يومها؟!
لقد ذكر المفسرون بأنه عندما أمر الله إبراهيم عليه السلام بأن يؤذن في الناس بالحج سأل وقال:
– يا رب، كيف أُبَلِّغَ الناس وصوتي لا ينفذهم؟
فقال الله جل في علاه؛ نادِ وعلينا البلاغ!
فقام على مقامه، وقيل على الحجر، وقيل على الصفا، وقيل على جبل أبي قبيس (وهو الأرجح)، وصاح:
(يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه).
يقال بأن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه، من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله له أنه يحج إلى يوم القيامة (لبيك اللهم لبيك).
قال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر هذا الكلام؛ هذا مضمون ما ورد عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وغير واحد من السلف، والله أعلم.
أوردها ابن جرير وابن أبي حاتم مطولة.
بالطبع لم تكن البشرية يومها قد عرفت (الشبكة العنكبوتية/الإنترنت) يوم أذن إبراهيم عليه السلام، وكذلك كان الحال خلال الثمانينيات يوم وصلتُ إلى مكة المكرمة ووقفت على جبل أبي قبيس، وبالطبع لم يهيئ الله للناس معرفة الوسائط على أجملها من واتساب وماسينجر وتويتر وسواها، وهي بالطبع سبل إيصال الرسائل – كتابة وصوتا- إلى الناس أينما تواجدوا على سطح هذه الكرة الأرضية، وبالطبع مامن إنسان كان يمكنه تصور الشبكة العنكبوتية والوسائط (عقلا أو منطقا)!.
والصوت معلوم أنه موجة قادرة على التحرك في وسط مادي مثل الهواء والأجسام الصلبة والسوائل والغازات، وباستطاعة الكائن الحي تحسس الصوت عن طريق عضو خاص داخل أذنه، حيث يتم تحويله من موجات صوتية إلى إشارات كهربائية عن طريق بقية مكونات الأذن ثم المخ، لتتحول الإشارات إلى معلومات مفهومة تَقِرُ في وجدان السامع ليتعامل معها كمدركات حسية.
وتقدر سرعة الصوت في وسط هوائي عادي ب 343 متر في الثانية أو 1224 كيلومتر في الساعة الواحدة،
ويستطيع الإنسان سماع الصوت عند تردد بين 20 هيرتز (أي 20 اهتزازة في الثانية)، و20 كيلو هيرتز (أي 20 ألف اهتزازة في الثانية). والصوت ذو التردد الأعلى من 20.000 هيرتز يسمى تردد (فوق صوتي)، أما الصوت في الترددات الأقل من 20 هيرتز يسمى ترددات (تحت صوتية)، وتختلف نطاقات سماع الحيوانات عن نطاقات سماع الإنسان.
لقد ذكرت المعلومات أعلاه للحديث عن (رؤية علمية) تفيد بأن الصوت طالما هو مادة؛ – والمادة كما هو معلوم لا تفنى- فإن الصوت طالما هو مادة فإنه يظل بُعَيْدَ خروجه من حنجرة صاحبه سابحا في الهواء من حولنا، وهذا يعني أن الفضاء مليء بالأصوات (منذ خلق الله الأرض) تنتظر من يستطيع التقاطها وإعادتها إلى صورتها الأولى وإن كان بعد وفاة صاحب الصوت بمئات الآلاف من السنين، ولقد كان ذلك أحد (الطموحات العلمية) التي يُؤمَّل تحقيقها من خلال مشروع إسمه “حرب النجوم” وقد تبناه الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان.
استصحابا لما ذكر أعلاه ينبري سؤال:
أليس من الممكن للبشرية أن تستطيع اكتشاف طريقة للدمج مابين (فيزياء) الوسائط التي نتعامل معها الآن، و(كيمياء وبايولوجيا) الخلية البشرية لإيصال التردد الصوتي من خلال ال DAN و RNA وبقية مكونات خلايانا؟!
ذاك ما أحسبه قد حدث عندما أذن نبي الله إبراهيم عليه السلام في الناس بالحج!
وبالطبع فإن الله قادر على أن يقول للشئ (كن) فيكون، ولكن لايمنع ذلك البشرية من التفكر والبحث في آي الله بين دفتي كتاب الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ومافيها من شواهد علمية يمكننا استخلاصها من ذلك، فقد ندبنا الله للتفكر في الكون وفي مخلوقات، وجعل ذلك ديدناً لرسله وأنبيائه:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} 13الجاثية.
{أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}61
{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}البقرة 163-164.
ولعلي اختم بقصيدة أسميتها (من وحي نيمة)، حيث سبقت لي المساهمة بغرسها في عرفات الله في الثمانينيات خلال سني دراستي في جامعة أم القري، ثم عدت في نهايات التسعينات لأجدها شجرة ظليلة، فوقفت تحتها وأنشدت هذه الابيات:
مُدِّيْ غُصونَكِ في دلال
وارفدي الحجاج دوما بالظِلال
وتَمَايَسِي فالأرضُ طهرٌ
وكل السُّوح يَغْمُرُها الجَلال
إنَّها عَرَفاتُ ربِّي
حيثُ يَغْفِرُ ثُمَّ يَهْدِيْ كُلَّ ضَال
الناسُ اذْ سَمِعُوا النِّدَاء من الخليل
جاؤه بالضُمُرِ النَّحِيْلَةِ أو رِجال
هتف الخليل عليه من ربي السلام
فارتجّت الأرضُ الخلاء
وكل هامات الجبال
إنه نِعْمُ الأذان
بل إنَّه نفحُ الدُّعَاءِ
يوم جاء الوادِ قفراً ورمال
وأناخ النوقَ قرب البيت زُلفى
فوقها اسماعيل محمودُ الخِلال
هانئ في حضن هاجر
إنها زوج نبي
وهي أمٌّ لنبي
أبشري بالخير، ياااانعم المآل
ومضى الخليل من بعد السؤال
أدعاك ربُك؟!
إذن فالله لن يخذلنا بحال
فهي تعلمه نبي
إنه بشرٌ ولكن فيه احتشدت خِصال
فهو لم يركع لغير الله يوما
وسعيُ الرزق دوما في الحلال
وإذا بالنار بردا وسلاما لا اشتعال
ومضت أيام هاجر في الحرم
نفد الطعام ولَبَن الضرع زال
واستبد الجوعُ بالطفل الرضيع
فانبرت لل(سعي) عطشى
سبع مرات سجال
يا إلهي، ليس في الأنحاء إنسٌ
وظهرُ الوادِ من الزّرع خال
وانبرت لله تدعو
فإذا بالماء سال!
مَدَّتْ َأيَادِي الشُّكر طُرّاً
وانحنت للنبعِ تَحثوهُ الرِّمَال
أقعت (تَزُمُّ) الماءَ زَمَّا
لينأى عن السَّوَحَانِ في جوفِ التِّلال
ليتَ هاجَرَ لَمْ تَزُم!
لاستحال ال(بئرُ) نهراً من زُلال.
لاستحال البئرُ نهرا من زلال.
عادل عسوم.
عرفات الله.
[email protected]

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٨)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٢٧)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!