مقالات
تريند

د. عبدالكريم محي الدين يكتب: لا وثيقة دستورية و لا يحزنون

سوداني نت:

الوثيقة الدستورية بنسخاتها المتعددة وضعها أفراد في نفوسهم مرض السلطة وحبها على حساب السودان ووحدة ترابه وعصمة نسيجه الاجتماعي …

و الخبث الذي حوته هذه الوثيقة ان تجعل التشريع في يد جماعة بعينها و اقتصاء بقية السودانيين الشرفاء من الثوريين و العسكريين …

وهي التي ساقت البلاد إلى هذا الاحتضار و الاحتشاد و التشظي و التردي لانها لم تكن عادلة في توزيع السلطة و لم تكن عادلة في إدارة موارد الدولة و لم تقصد العدل في الممارسة السياسية و لم تقصده في التحول الديمقراطي و لا الخطاب السياسي …

بل أنتجت خطاب الكراهية و مهدت البلاد للاحتراب و الاحتراق بالتغول على السلطة و الإمساك بها مهما كانت عواقب ذلك و كما راينا ذلك في خطاب الدكتور عبدالله حمدوك ليلة البارحة اذ لم يأت بجديد يحول البلاد إلى الإيجابية و يخرجها من حمى الالتهاب السياسي و الانتحاب الاقتصادي و الاستلاب الفكري و الاجتماعي …

بل كرر الدكتور مطالبه السابقة و خطاباته المهترئة و مبادراته الهزيلة و كأنه موظف ضئيل لدى دكتاتور متغطرس فظ لا يستطيع معه أخذ قرار  …

و برغم اختلالها و تعدد نسخها و تعارض نصوصها مع العهد الدولي فمن الذي التزم هذه الوثيقة الدستورية خلال السنتين الماضيتين حتى تكون مرجعا اليوم و تكون حكما مقدسا  ؟

ألم تنص الوثيقة الدستورية على تكوين حكومة كفاءات مستقلة فأين هي هذه الكفاءات المستقلة بعد ان شهد العالم اجمعه على مناكفات المحاصصة على الوزارات و موسسات الدولة المختلفة ؟

ألم تنص الوثيقة الدستورية في المادة الثالثة على ( الوثيقة الدستورية عي القانون الأعلى بالبلاد و تسود أحكامها على جميع القوانين ) فأين هذه السيادة من قانون و ممارسات لجنة ازالة التمكين ؟؟؟

ألم تنص المادة الرابعة في فرعيتها الأولى على ( جمهورية السودان دولة ذات سيادة و ديمقراطية برلمانية تعددية ) أين هذه السيادة من التدخلات الخارجية في حكم البلاد و التي علم بها القاصي و الداني و أين الديمقراطية و أين موسسات تحقيق هذه الديمقراطية ؟ و أين البرلمان المذكور هذا ؟؟؟

تنص المادة ( 2/4 ) على : ( تلتزم الدولة باحترام الكرامة الإنسانية و التنوع و تؤسس على العدالة و المساواة و كفالة حقوق الإنسان و حريته الأساسية ) أين ذلك مع الاعتقالات التي تقوم بها لجنة ازالة التمكين دون قانون و دون تحري و محاكمة ؟؟؟

المادة ( 6/1 ) : ( يخضع جميع الأشخاص و الهيئات و الجمعيات رسمية كانت أم غير رسمية لحكم القانون ) فأين موسسات العدالة التي تلجا اليها الهيئات الاعتبارية و الأفراد ؟؟؟

( 7/1 ) : ( تكون مدة الفترة الانتقالية تسعة و ثلاثون شهرا ) هكذا وردة المدة صماء من غير صلاحيات للتعديل و التخويل فكيف محددة الفترة دون مرجعية دستورية في خرق واضح لهذه الوثيقة ؟؟؟

الخدعة الكبرى للجيش و التي وردت في الوثيقة الدستورية و أدت إلى التنازع القائم و الذي سينتهي بسيطرة القوي و فرض الواقع ( الجيش ) هي هي المادة الحادية عشر و التي تنص على الآتي : ( المجلس السيادي هو راس الدولة و رمز سيادتها وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وقوات الدعم السريع و القوات النظامية الأخرى ) و بهذه المادة يريد المدنيون ان بستولوا على قيادة الجيش و الدعم السريع و جهاز المخابرات و الشرطة و غيرها من القوات النظامية الأخرى و ذلك بمجرد ان تؤول لهم رئاسة المجلس السيادي و بعدها فليذهب البرهان و نائبه حميدتي إلى المحاكم الدولة و السجون الداخلية فهل هذا يعقل ؟؟؟

و تنص هذه الوثيقة على ان مجلس الوزراء يتكون من عشرين وزيرا كفئا و مستقلا فهل تحقق ذلك العدد و التقييد ؟؟؟

المادة ( 24/4 ) : ( يشكل المجلس التشريعي الانتقالي و يباشر مهامه في فترة لا تتجاوز تسعين يوما من تاريخ التوقيع على هذه الوثيقة ) و بعد مرور سنتين لم نر مجلسا تشريعيا و لا خطوات عملية لتكوينه و ضاع هذه المجلس بين قتال المحاصصات و كيد السلطة .

أين اجهزة القضاء ( القضاء ) المنصوص عليها في المادة ( 29 ) فكيف ضاعتهذه  الأجهزة و هي تمكن لتطبيق العدالة وتمكين شعار الثورة ( حرية سلام و عدالة ) ؟؟

و أين المحكمة الدستورية المنصوص عليها في المادة ( 31) و أين المجلس الأعلى للنيابة المنصوص عليه في المادة ( 33) و ماذا قدم النائب العام من تقرير على ابتداء في السنوات السابقة ؟

و أين المفوضيات المنصوص عليها في المادة ( 39) و لم لم تتبع كلها للمجلس السيادي ؟ و أين وثيقة الحريات المنصوص عليها في المادة ( 42) اذ ان الحكومة الحالية و لجنة ازالة التمكين يعملان على مخالفة هذه المادة نصا و روحا ؟؟؟

الوثيقة الدستورية التي اهملت كثيرا من ضوابط إدارة الفترة الانتقالية ( ضواب تعديل الوثيقة الدستورية نفسها و ضوابط و اختصاصات حكام الأقاليم و اهملت الوثيقة المدد المتعلقة بالفترة الانتقالية و اهملت معالجة النزاعات الدستورية ) لذا جاءت الممارسة السياسية وفق الأهواء و المعطيات و أدت إلى الحالة الراهنة …

الوثيقة الدستورية هي كارثة البلاد و قد تم تعطيلها عمليا من اطرافها كما ان تلك الأطراف نفسها تلاشت و انقسمت على بعضها و لم يعد لها وجود يمتثل الأوامر التي وردت بنصها …

ووفق مخالفة الوثيقة الدستورية و تعطيل العمل بها عمليا ووفق ما ورد فيها من تنازعات و اختلاف حول روحها و موادها ووفق ما سقط شقها المدني و انقسم وخرج على بعضه فقد سقطت و لم يعد لها اثر إلا النزاع و سياقة البلاد إلى الهاوية …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!