على كلمقالات
تريند

ارتفاع الاسعار والدولار .. من سرق المصحف؟!

محمد عبد القادر

سوداني نت

تتسابق عدد من الجهات المعنية بالاوضاع الاقتصادية الآن لتبرئة ساحتها من التسبب في ارتفاع الدولار والاسعار بشكل مستمر بينما تمارس أجهزة الدولة بطئاً غير مبرراً في التصدي لانفلات الاسواق ووضع حد للزيادات الخطيرة التي ادخلت المواطن نفقاً مظلماً ومازالت تتفنن في تعذيبه صباح كل يوم جديد.
بالأمس تابعنا ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق قفز بأسعار السلع الاستهلاكية بنسبة تفاوتت بين 50% الى 25% وشمل (السكر والزيوت والصابون والبن والدقيق والشاي والصابون والعدس والارز والشعيرية والصلصة).
كلهم يبكي على زيادة أسعار الدولار والاسعار ويبرئ ساحته (فمن سرق المصحف). هنالك بالطبع فرق كبير بين تكلفة السلع من أبواب المصانع وقيمتها لدى التجار تستدعي التدخل العاجل لوقف مضاربات السماسرة ووسطاء السوء، للاسف مازالت الاجهزة الرسمية بعيدة عن هذا الملعب، تدير وضع الازمة بطريقة عادية وديوانية لا ترقى لمستوى تحديات اقتصادية تتطلب اجراءات دائمة ووجود ميداني مكثف في الاسواق.
التصريح المنسوب لحسن عيسى، رئيس الغرفة التجارية بولاية الخرطوم، أمس، يدق ناقوساً جديداً للخطر، الرجل يتحدث عن انخفاض النشاط التجاري بنسبة 70%، ويشير كذلك الى أن 60% من التجار تحت خط الفقر ويتوقع في ذات الوقت عدم مقدرتهم على تسديد مطلوبات الدولة الرسوم والجبايات وغيرها خلال الفترة القادمة.
أسوأ ما يمكن ان يحدث لاي اقتصاد هو الركود واحجام الناس عن الشراء، بالطبع الاسباب معلومة ارتفاع الاسعار المتواصل وشح السيولة في أيدي المواطنين وانخفاض مداخيلهم جراء الوضع الاقتصادي الخانق..
بعض ما ورد في الاسافير كان يتحدث كذلك عن توقف منتجات عدد من المصانع بينها التابعة لرجل الاعمال اسامة داؤود، الخبر تم نفيه بالتأكيد لكن الواقع يشير الى ان هذه المصانع ربما خفضت منتجاتها ذات الصلاحية المحددة بزمن قصير تفادياً للخسائر المترتبة على البوار في ظل احجام المواطن عن الشراء للاسباب المعلومة.
بالأمس أوردت صحيفة الاحداث الالكترونية تصريحاً لنائب رئيس غرفة المستوردين الدكتور حسب الرسول محمد احمد قال فيه أن الارتفاع في أسعار العملات الاجنبيه المفاجيء وغير المبرر في الفترات الاخيرة – على حد وصفه – لم يحدث بفعل الاستيراد وانما نتج عن المضاربات غير المشروعة ومشتروات عدد من الجهات أخرى وتحويلات الاجانب.
بالطبع لن نصدق حديث التجار ولا المستوردين عن تضررهم وعدم تسببهم في رفع الاسعار، الواقع يشير الى ان مصالحهم ستتوقف جزاء ما عملوا لانهم مارسوا البيع بطريقة التو قعات، ينسبون الزيادة في كل شي للدولار حتى (الفجل والجرجير)، لكنهم لا يتعاملون مع قيمة الدولار لحظة شراء البضاعة وانما بتوقعاتهم لما سيكون عليه في مقبل الايام، إزاء ذلك تصاعدت اسعار السلع لمستوى قياسي وها نحن ندخل الآن نفق الركود الذي سيضر حتما بالدولة والتجار والمواطن.
من يصدق ان كيلو العدس العادي الذي يباع بـ 65 جنيه يخرج من عتبة المصنع بمبلغ 35 جنيه، زيادة تقترب من نسبة 100% دون ان يجد هذا الأمر أية رقابة او متابعة من قبل الجهات المختصة.
لا أعتقد كذلك انه من المناسب (خمنا) بحكاية الرسوم والجبايات الحكومية، لك ان تعلم عزيزي القارئ ان الاشراقة الوحيدة في موازنة وزير المالية الركابي – غفر الله له- كان اعفاء سلع (الرز والعدس والفول المصري والخميرة والفاصوليا) من أية رسوم حتى القيمة المضافة، لماذا لم تنعكس الاعفاءات على أسعار هذه السلع التي مازالت ترتفع بلا ضابط أو رقيب.
مع اهمال الدولة للاسواق يتحمل التجار الجشعون والمستوردون مسؤولية ارتفاع الاسعار والدولار، على الحكومة التوجه بكلياتها نحو الاسواق لمحاربة الغلاء والاسراع في تحديد اسعار تأشيرية مع اعفاءات عدد من السلع الاستهلاكية في مقدمتها (الرز والعدس والدقيق والسكر ولبن البودرة والشاي) مع الاشراف على أسعارها وطرحها عبر التعاونيات ومراكز البيع المخفض الحقيقية.
في ظل تباطؤ الدولة عن تحديد اسعار تأشيرية للسلع الاستهلاكية المهمة بالنسبة للمواطن سيظل الحال على ما هو عليه، ستزيد الاسعار ويتفاقم الركود ويجوع الناس ويحدث ما لا يحمد عقباه، على الحكومة التحرك نحو الاسواق بأعجل ما تيسر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!