مقالات
تريند

عادل عسوم يكتب: كسلا … عزف على أوتار الكلمات

سوداني نت:

الوقت صباح…

واليوم خميس…

والجو ربيع…

وقمم توتيل معمعمة بدوائر السحب الموشاة بألوان قوس قزح في صورة تاخذ بالالباب!…

وتلك تشكيلات من الحمام تحلق في أجواء الميرغنية حيث أقف وتنطلق منتشية كأنها قد خرجت لتحتفل ب(الزيفة) وأرهاصات مطر الربيع…

وتداعت الأنسام مشبعة بروائح البرتقال والقريب والليمون تميس دونها نخلات تظلل بوابة جارنا أب سيف فتعمُّ الأجواء…

وتتري الانسام آتية من ناحية القاش مرورا بجنينة (سيدي) التي تفصل مابين المرغنية والسوريبة فوقفت أملأُ صدري من عبق ذاك النسيم الجميل والعينانُ منّي مأخوذتان بمشهد قمم جبال التاكا المزدانة بدوائر السحب الملونة تلك…

أنها بحق لوحة تجسد السحر والجمال بكل ابعاده وزواياه!

هذه الديار قد شهدت مولدي وإن كان الأصل يتجذر هنااك في الشمال…

فإذا الفضاءات تردد:

شمال …

وشرق…

وشايقي…

ثلاثة، رابعهن شوق

يختزل مسافة الطريق ومد العمر…

ومن دون ذلك ذلك جبلين!

(البركل) جبل هناك في الشمال …

و(التاكا) جبل هنا في الشرق وبينهما توزع الأهل والحب والتحنان…

فالأصل يضرب بأطنابه في البركل …

والمولد كان هنا في كسلا…

إذ في إحدى صباحات الميرغنية الوديعة نادى المنادي بقدوم مولود لآل عسوم، فكانت الصرخة الأولى بعد أن أمتلأت رئتا الوليد بنسيم كسلا الجميل…

وحبا الوليد …

وترعرع …

فتشكل وجدانه بخضرة المدينة ونفح القاش…

كسلا التي حباها الله بمزية من دون المدن إذ أشجارها تزهر مرتين في العام! …

وأناسها يحملون في دواخلهم (هينين) من المودة وحب الناس…

ألا تجدهم يجمعون المفرد فيقولون ( 2 بيت واتنين سرير)؟!

حتى وصفهم للأشياء تجد في ثناياه سمو وارتقاء (فلان تلقاه فوق البيت) وليس في البيت!…

ماأروع قبائلها من الحلنقة وبقية بطون البجا وهم (يلوون) الكلام …

و(يلينون) في الرقص…

و(يلاوون) السيف وهذا حالهم في شرق القاش …

أما في غربه فهناك أهلنا الهوسا قوم فيهم جد ونشاط!…

وهم كذلك في رقصهم، وتجد دونهم الرقة والطيبة والترحاب…

نزلوا ضيوفا (يوما) على أهل المنطقة من البجا الهدندوة والبني عامر فأضحوا أهل ديار!

والهدندوة أهل كرم…

والبني عامر كذلك يرجحون بتديّن لهم جبلّة…

ومن دون أولئك الرشايدة، عرب أقحاح فيهم أصالة وجمال!…

أما السواقي شماليها وجنوبيها فهي التي أشرقت بها شمس وجد ذاك، فكانت ومافتئت جنة للعشاق.

وقد انشدت في كل ذلك وقلت:

أتصدقون…

ان قلت انّي أعشق الجبالا

معمور بها الفؤاد لايستكين بالا

وكيف لا؟! …

***

فهاجر من قبلي قد عشقت جبلين

فأضحى عشقها لقومنا (سعيا) ودين

***

كذاك عشقي لا أرى لنفسي دونه فكاكا

اذ هو لجبل هنا يرنو الى جبل هناكا

صنوان في الشموخ (بركل) و(تاكا)

توزعت أمشاج أهلي بين هذا وذاكا

***

فالأصل يضرب في الشمال له جذورا

حيث يجري النيل يسقي زرعه والبورا

***

يشق صدر أرضنا السمراء في عزيمة

وينحني تأدبا في البركل الذي يلي كريمة

***

وقد حوى في جوفه التاريخ والأسماك

تاريخ قوم ذاخر بالنصر كل حراك

***

الماء فيه ريان بلون البُنّ أشهُرا

والموج يصطخب لسيفه قد اشهرا

***

ينبيك عن مخاض

بالخير حين فاض

***

فيرفد الجروف نبتا يانعا دونما أشواك

***

ثم يصفو أشهُرا

فيستحيل أزرقا

***

تمده السماء من اهابها بلونها نهارا

وفي المساء…

يستحيل سطحه مرآة حسن لأنجمٍ سهارا

***

ونخيل بالشط تهفو بجريد مائسات

يرقصن في دلال بين أيدي النسمات

***

أودعها الأله كل لون

سيقانها تشربت بذات لون البنّ

***

سبيطها يزينه الصفار

وثمرها يخضرُّ في البدار

***

وبعد أشهر…

ينداح صفرة

وحمرة…

ليكتسي بذات لون البنّ دونما هلاك

***

وفي الجوار…

ينتصب التاريخ جبلا أسمرا

له اسمان اسم (جدّي) والبركلا

تحرسه أسودٌ هي ليست حجرا

***

اللون فيه ذات لون البنّ

ومعبدٌ قد زانه التوحيد ذات يوم

بناه آمون الذي ملك الدنا والقوم

[email protected]

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٩)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٢٨)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!