سوداني نت:
مما لا يختلف فيه اثنان ان التغيير الذي كان يأمله الثوار و الذي من اجله اسقطوا حكومة المشير عمر حسن احمد البشير لم يتحقق …
بل و تراجع الأداء العام فزاد اثر ذلك التضخم حتى زاد على الأربعمائة بالمائة و قلت نسبة المشاركة العامة حتى أقصيت احزاب بكاملها و تراجعت نسبة العدالة اذ لم تكتمل مؤسساتها حتى الان فتفشت اثر ذلك الجريمة و السطو و النهب و تهجرت الكوادر و زاد ابتلاع البحر للشباب السودانيين …
و برغم رفع الحصار عن السودان و برغم انفتاحه على الدول إلا أن المشكلة الاقتصادية مازالت في تفاقمها و المشكلة السياسية في تعقيدها فما الذي حققته الحكومة و يحسب لها نجاحا على الارض ؟؟؟
حتى السلام الذي تدعي حكومة الدكتور عبدالله حمدوك تحقيقه عبر اتفاقية جوبا للسلام لم يكتمل و لم يستظل اقليم دارفور بأمنه و استقراره بل القت اتفاقية جوبا بظلال سالبة على قضايا الشرق و الوسط و الشمال بقيام كيانات ذات ثقل جماهيري مناهضة لتلك الاتفاقية …
و يرى اخرون أن حركات دارفور قامت مناهضة لحكم الإنقاذ و بسقوطه سقطت ورقتها و يجب عليها إلقاء السلاح و مشاركة المركز بما تراه عادلا للبلاد ككل دون دخول في اية مفاوضات مع حكومة الثورة اذ ان هذه الحكومة جاءت بها ثورة عامة للشعب السوداني بما فيها اقليم دارفور نفسه و بالتالي لا يجوز حمل السلاح عليها إلا إذا سلكت مسلكا يغمط حقوق اهل الإقليم …
و يظل ملف السلام ناقصا مالم ينته النهب المسلح و السطو على المواطنين و قطع الطرقات و يظل ملف السلام ناقصا ما لم تتعايش القبائل سلميا و يظل ملف السلام ناقصا مالم يرجع النازحون و يعود اللاجئون و يظل ملف السلام ناقصا مالم تغلق المعسكرات و تعمر المدن و القرى و يظل ملف السلام ناقصا مالم يكن الإقليم جاذبا لاهله في الأقاليم الاخرى …
و معضلة السلام الكبرى التي فشلت فيها حكومة الانتقال عدم دخول حركتي عبدالعزيز الحلو و عبدالواحد محمد نور في عملية السلام و معضلة السلام الكبرى تشظي الحركات المسلحة و انقسامها الى اخرى جديدة حاملة للسلاح ضد الحكومة و معضلة السلام الكبرى انتشار ثقافة العنف في دار فور و جنوب كردفان اذ اصبح الاقتتال شيئا عاديا يقوم لأتفه الأسباب …
اذن حكومة الدكتور حمدوك فشلت في الملف الاقتصادي و السياسي و ملف السلام و ملف الامن و فشلت نسبيا في الملف الخارجي حيث لم تستطع جلب رؤوس الأموال الخارجية للاستثمار الداخلي و لدفع عجلة الاقتصاد …
فهل فشل الحكومة الانتقالية يستدعي اسقاطها أم إصلاحها ؟؟؟
تجارب الشعب السوداني في اسقاط الانظمة و الحكومات بثورات شعبية أو بانقلابات عسكرية اثبت فشله هو الاخر اذ لم تنجح حكومة انتقالية أتت على ظهر دبابة و لم تنجح بعدها حكومات عسكرية غيرت جلدها إلى مدنية كما لن تنجح حكومات الديمقراطيات الثلاث و الأمثلة على ذلك كثيرة على امتداد تاريخ السودان الوطني …
فالحكومات الوطنية لم يحالفها النضج السياسي و الرؤية الموحدة للدولة و لم تصل لكيفية حكم البلاد فاستهلكت عمر الشعب في صراعاتها على السلطة و صراعاتها الايدلوجية و أسقطت اجندة الوطن من خططها فتاهت هي ذاتها وسط زحمة الأزمات المتراكمة …
فأي انقلاب أو أي حكومة تنشأ بعد حكومة حمدوك ستكون بنفس مواصفات أمتها السابقة بل العن منها بدليل التجاوب المليئة بالفشل و بدليل عدم علاج العلة …
و العلة تكمن في عدم توافق النخب و الاحزاب السياسية على كيفية حكم البلاد و على الطرق و الآليات التي تصل بالبلاد الى دستور دائم يحدد هوية الدولة و يضبط تداول الحكم و الممارسة السياسية …
هذا التوافق نفسه يحتاج الإرادة الحازمة لاعلاء كلمة الوطن و يحتاج التجرد و المسئولية و يحتاج الآلية المناسبة لتفيده بالصورة التي تحقق الهدف و تضمن استمراريتة الى غاياته …
أي كان مسمى ذلك التوافق ( مصالحة أو إصلاح ) فلا يهم ما دام الغاية منه الوصول الى ميثاق التاسيس و ارساء قواعد الحكم و الممارسة السياسية الراشدة …
و نحن على يقين بأن طريق الحق يفرض نفسه مهما صعب على الظالمين فمن يرفض الاصلاح و المصالحة حتما سيسقط في جب الذات السحيق بعيدا عن التاريخ النضالي و العطاء الوطني و متعة التضحيات …