
سوداني نت:
ارسل لي الأخ الدكتور عصام دكين و كعادته مقالا تحت عنوان دكينيات يتحدث فيه عن اجرام القائد ابوعاقلة كيكل و عن تمجيد الصحفيين ( عبدالماجد عبدالحميد و بكري المدني ) للمجرمين و عرج الكاتب ايضا نحو اجرام القائدين جبريل ابراهبم و مني اركو مناوي ) …
يبدو ان اخي عصام كتب مقالته هذه و لم يراجع لغتها و لا سبكها و لا حتى موضوعها و ابعاده و ( شاتها ) في الميديا ليجد فيها المرتزقة ضالته و المفتن مادته و صاحب الغرض هواه …
ما دعاني للتعليق على هذا الامر جوهره المعيب لا مظهره الكئيب ، فقد خالف المقال مقصد قيم التسامح ، و انكر تاريخ العفو ، و دلف الى اثارة الكراهية و التصلب في أخذ الحقوق و إن كانت عواقبها العقوق …
التسامح و العفو و الصفح و الصلح تسمى ( القيم فوق العدلية ) فهي أعلى سموا من العدالة الجافة . اذ تولى الله ثوابها هو نفسه ( من عفا و أصلح فأجره على الله ) …
و ستظل مسيرة النبي صلى الله عليه و سلم مثالا متجددا في هدى الإصلاح عبر القيم النبيلة و الاخلاق الكريمة . و متى ما تمكنت القيم و سمت الاخلاق ، انتشرت روح المحبة و تجانست نفوس التعايش السلمي و التعاون المنشود …
و السيرة النبوية مليئة بتلك الهوادي ؛ ( أرجو أن يخرج الله من اصلابهم ذرية تعبد الله ) ، ( اذهبوا انتم الطلقاء ) ، ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ) ،( أن عفو عن من ظلمني ) ، ( إنما بعثتم ميسرين لا معسرين ) ، ( اتبع السيئة الحسنة تمحها ) ، ( خالق الناس بخلق حسن ) ، ( دعه يا عمر ) ، ( كونوا عباد الله اخوانا) …
و المحصلة النهائية لرسالة الاسلام هي المحبة التي تفضي إلى السلم . فكل العبادات ( صلاة ، صيام ، زكاة ، حج ) و كل المعاملات ( بيوع ، ايجارات ، شغعة ، رهن …) كلها تدعو الى صناعة المحبة و تقارب القلوب …
و لا تأتي رسالة القضاء و العدالة ، إلا بعد نفاد رسالة الأخلاق و القيم . لتردع الظالمين و تأخذ حق المظلومين أخذا غليظا تتزن به معادلات التعامل و التعايش . و تقف أيد التعديات على حافة الحدود ( لا عليك و لا علي ) . فالقضاء و العدالة لا يزرعان محبةً و لا يصنعان سلاما بقدر ما تصنعه الاخلاق و القيم …
يا أخي الدكتور عهد النبوة هو عهد القدوة و الاتباع ( مالي أراك تنفي العفو بعده ) بقولك : ( نحن في عالم القانون و العدالة و ليس في دولة النبوة ) هذا ما يخرجك من روح الاسلام إن لم يخرجك منه منكرا لصلاحه المكاني و الزماني …
ثم إن القائد أبا عاقلة كيكل قد غطى على أخطائه السابقة بحسنات عظام لاحقة ، و قدم لوطنه بأكثر مما أخذ منه و كان رجوعه فتحا و تقدمه نصرا و جيشه إضافة للجيش و لك يا أخي أن تحسب ذلك حسابا منطقيا …
و أراك يا أخي توصم القائدين جبريل ابراهيم و مني اركو مناوي بالمجرمين و هما على هرم الدولة التي تتداعى عليها الأمم يحاربان عن المسلمين و يدافعان عن الاسلام …
أنت بهذا يا أخي مخطئ غاية الخطأ و مفتن تثير الكراهية و تنكأ الجراح التي طمرتها روح التسامح و العفو . و غطت عليها حسنات الأعمال و الأفعال و الأقوال …
و عليك أن تعتذر لجميع من أصابته سهامك الطائشة . خاصة لأخويك الصحفيين القديرين ؛ عبدالماجد عبدالحميد و بكري المدني . وهما يقومان بواجبهما الوطني بما يمليه الضمير و المهنة . و بما تفرضه الحال و يقتضيه المآل …