العين الثالثةمقالات
تريند

قبل فوات الاوان!!

ضياء الدين بلال

سوداني نت:

-١-

أكثرُ من كاتبٍ في صحف الأمس تناول سلوكيَّاتٍ منسوبة لما يُعرف بلجان المُقاومة.

ليس من المُستبعد أن تكون هناك جهاتٌ تستغلُّ اسم لجان المقاومة في تنفيذ أجندةٍ لا علاقة لها بالثورة وحماية مكتسباتها وتنفيذ مطالبها!

هنالك حديث عن مجموعات مقاومة في بعض المناطق منها ثورات أمدرمان تقوم بأعمال ايجابية في خدمة المواطنين.

لكن، كيف يتم الفرز بين تلك اللجان والدخيلين عليها أو المُتفلِّتين من بين صفوفها؟!!

تسجيلات صوتية مبثوثة في وسائل التواصل الاجتماعي، تحدَّثَتْ عن ضرورة تكوين مجموعات شبابية لمُناهضة تجاوزاتِ تلك اللجان، تحت لافتات النصرة والكرامة.

الاعتداءات شملت مستشفيات ومحليات في العاصمة والولايات، وبعض المساجد.

مقاطع فيديو تنقل اعتداءات جائرة على معلمين ومدراء مدارس،ولكم وضرب داخل اجتماعات نقابات وملتوف وأسلحة بيضاء في الجامعات!

وعلى صفحاتهم في (فيسبوك)، نشر زملاء صحافيون قصصاً وصوراً لاعتداءات ونهب تمَّ عليهم من قبل ما يُعرف بمجموعات النيقرز.

هذا وجه آخر لسلوكيات شاذَّة تستغلُّ حالة الفراغ الأمني والتنفيذي!

-٢-

المواطن يرصد وأجهزة الإعلام تنشر ومحاضر الشرطة تُدوِّن ولكن بلا حراك، حالات تفلُّت ومُقدِّمات فوضى قد تنتهي إلى صدامات ومواجهات، ربما تفتح الباب لفتنٍ لا تُبقي ولا تذَر.

هنالك من يظن في وجود فوضى منظمة تهدف لفتح باب خلفي للمغامرين!

للأسف، كل تلك الصيحات الدَّاوية والتحذيرات عالية الصوت، لن تجد أُذناً صاغيةً ولا عيناً بصيرةً تُدرك المخاطر وتعي المُهدِّدات التي تُحيط بمجتمعنا.

الجهاز التنفيذي يُعاني على الأرض البطء في حل الأزمات، والتيه ما بين سيداو وشكلة عبد الحي والبوشي ومناهج القراي وأوثان مفرح!

ويُحلِّق رئيس الوزراء عالياً في طائرات البحث عن حلول لازمات الداخل في الخارج ،بين واشنطن وجوبا!

-٣-

قوى الحرية والتغيير، تشغل نفسها بالإحلال والإبدال في المناصب، ولا تُريد أن تخسر لجان المقاومة، بل هي حريصةٌ على الحفاظ عليهم وممالقتها، لخوض معارك تراها قادمة.

الأجهزة الأمنية والعسكرية في حالة سكون ولافاعلية، ما تزال تعاني ما حدث لها في الفترة السابقة من اهتزازات وتصدعات داخلية واشتباه في دورها إبان الثورة. هذه الحالة تُعرف في العسكرية بـ (دفن الدقن).

-٤-

من الطبيعيِّ في ظل هذا الفراغ العريض أن يحدث ما حدث وأكثر، طالما أن الجميع لهم ما يشغلهم عن أمن المواطن ومعاشه.

الوضع الراهن يحتاج إلى مُعالجات عميقة، على مستوياتٍ مُتعدِّدة، حتى لا يتفاقم ويخرج عن السيطرة.

واجب الجهاز التنفيذي أن يُولي جلَّ اهتمامه لتيسير حياة المواطنين في كُلِّ جوانبها وإعادة الفاعلية لأجهزة الدولة في كُلِّ المرافق.

صحيحٌ أن القيادة الجديدة ورثت وضعاً مُتردِّياً وأزماتٍ مُعقَّدةً وجهازَ خدمة عامة ضعيفاً؛ وما يزال الوقت قصيراً للحُكْم عليها؛ لكن مؤشرات الأداء الأولى ما تزال منخفضة، لا تتناسب مع تطلعات الجماهير ولا توقعات المراقبين.

نعم غالب الحلول الإسعافية للأزمات الاقتصادية في الخارج، ولكن الانشغال التام بالخارج دون ترتيب الداخل وإدارة شأنه بحكمة وفاعلية، قد يُعقِّد الأوضاع أكثر، ويُصعِّب إدارة الدولة وحفظ أمنها واستقرارها حتى ولو توفر الإسناد المالي الدولي والإقليمي.

-٥-

الحلول الأمنية والعسكرية وحدها ليست كافية للحدِّ من ظاهرة التفلُّتات، ولكنَّ غيابها قد يُغري كثيراً من المُتجاوزين في التَّمادي مما يترتَّب عليه نزوعٌ جماعيٌّ لأخذ الحقوق أو حمايتها باليد غير المقيدة بضوابط القانون.

من أهمِّ تعريفات الدولة ما قاله ماكس فيبر: (مشروعية تنظيم المجتمع واحتكار العنف وتوجيهه).

بإمكان قوى الحرية والتغيير القيام بدورٍ رياديٍّ في تنظيم لجان المقاومة بصورة تحدُّ من التفلتات وتوجه طاقتها الثورية نحو ترقية الخدمات ودعم التنمية والرقابة الشعبية، مع الاحتفاظ بها للنصرة السياسية إذا استدعى الأمر ذلك.

ترْك لجان المقاومة دون حصر وتنظيم وتثقيف أخلاقي، ومنحها صلاحيات مطلقة للأفعال التقديرية المُبرَّرة سياسياً قد يدفع بها إلى طرق مظلمة ووعرة، غير مأمونة العواقب.

والأخطر من ذلك، أن تستغل بعض الجهات هذه الواجهات الثورية للقيام بأعمال إجرامية أو انتقامية أو كيدية ضد قوى التغيير نفسها.

-أخيراً-

السياسة في أبلغ تعريفاتها: فن تجنيب الشعوب المأساة.

أسوأ مراحل النظام السابق في أيامه الأخيرة، هو ما تُعانيه القوى الحاكمة الآن في بداياتها:

ضعف الإحساس بالمشكلات قبل أن تتحوَّل إلى أزمات، والأزمات قبل أن تُصبح كوارث، والكوارث قبل أن تنتج مآسي!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!