مقالات
تريند

عادل عسوم يكتب: محاولة إغتيال الدكتور حمدوك والفأس المسروقة

سوداني نت:

الحق أقول إنني تلقيت نبأ المحاولة المشؤمة بحزن بالغ، وقلق يقض المضجع على وطننا الحبيب وأهلنا فيه، والحمدلله الذي سلم حمدوك وكتب له النجاة والعافية.

وبالطبع فقد أهريق حبر كثيف، وكَتَبَ كُثُرٌ مفترقين إلى فئتين، وكُل فئة بما لديها موقنة!، والكل يصدر الأحكام على الآخر دون اصطبار لحين اكمال لجان التحقيق لواجبها!

لعمري إنه ال(غل) الكامن فينا كبشر، والأمر لم يسلم منه – حتى- أمير المؤمنين وإبن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب وقد قال رضي الله عنه لعمران بن طلحة عندما دخل عليه وقد فرغ من أصحاب الجمل: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله فيهم: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين} الحِجْر 47.

اللهم نسألك نزع الغل من الصدور في الدنيا والآخرة، فالجنة بيد الله يهبها لمن يشاء، والضرر حائق بنا قبل أن تلقى الله في وطن هو جنتنا في الأرض.

والعود عن الغل كما عاد علي رضي الله عنه أَحْمَدُ، وهو كذلك من صاحب الفأس إذ تقول القصة:

لم أعثر على فأسي، فاشتبَهت بأنّ ابن جاري قد سرَقه، فشرعت بمراقبته، فكانت مشيته مشية سارق فأس، والكلام الذي ينطق به مثل كلام سارق فأس، وتصرفاته تفضحه وكأنه سارق فأس، فبتُّ ليلتي ساهراً حزيناً، وأضناني التفكير مما جرى لي مع ابن جاري.

وفجأة وبينما أقلّب التراب عَثرت على الفأس!

وعندما نظرت إلى ابن جاري في اليوم التالي من جديد لم يظهر لي شيء!

لا في مشيته، ولا في هيأته، ولا في سلوكه بما يوحي بأنه سارق الفأس.!!!

ليلة أمس كنت أنا أكبر سارق، فعندما اتهمت ابن جاري ظُلماً سرقت أمانته وبراءته، وعندما بِتُّ في حزنٍ وأرق، سرقت يوماً من حياتي…

فى أوقات كثيرة تحكمنا مشاعرنا وشكوكنا وظنوننا؛ فنخطئ الحكم ونسيء لمن حولنا!.

سوء الظن ‏قد يجعلك تتخيل ما لا يوجد، وحسن الظن ‏قد يجعلك تتجاهل ما هو مؤكد، فحياتنا من صنع أفكارنا.

فالمتضرر هو الوطن وأهلنا إن كان الفاعل هو هذا الفريق أو الآخر، انظروا إلى المحصلة والنتيجة الآن، أليست زيادة الصرف على تأمين المواكب للوزراء ووزراء الدولة وأعضاء مجلس السيادة؟!، وكذلك لوكلاء الوزراء وآخرون كثر من قيادات تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير بكل تأكيد؟!، كم ياترى تكون المبالغ التي تخصم من ميزانية الدولة (على علاتها) والسودان في حوجة لكل جنيه للصرف على ضروريات حياة الناس الذين يطحنهم الغلاء وتهلكهم الندرة؟!

لقد بدأ التحشيد والترصد ب(الكيزان) – كما يسميهم البعض بذلك- دون أن يكون لهذا الإسم من سند أو دليل، فلا شيخهم الترابي رحمه الله قال ذلك يوما ولم يؤثر البتة عن الشيخ حسن البنا في مصر أنه قال بأنهم كيزان!، وبالتالي يكون الإسم صنيعة لغرض وحاجة في نفس جهة بعينها تناصبهم العداء السياسي!، وإذا بصيغ من أمثال (كل كوز ندوسو دوس) تعلم للشباب وصغار السن في المواكب التي دعى إليها تجمع المهنيين منذ التحاقه بركب الثورة! ، ولكم رأينا بأعيننا التحشيد والترصد والسب والإساءة لأساتذة جامعات خلوقين وعدد من معلمات المدارس بدعوى كونهم كيزان، ولم نقرأ أو نسمع أي استنكار أو توجيه من تجمع المهنيين يدعوا الشباب بخطل ذلك وينصح بعدم تكراره في ثنايا مناشيره العديدة! ، وكم اضحكني هتاف طفل لا أخاله بلغ الخامسة عشر من عمره، وكان ذلك في فيديو لمظاهرات في مدينة الدمازين وهو يشتم من هو في عمر والده، ولعله كان من قيادات الإنقاذ، وقد كان يلبس عمة وجلابية فقال له الصبي:

(بالله كوز وكمان لابس ليك عمة؟!).

لايقولن أحد بأن هذا الطفل – وهو لم يكد يتعدى مرحلة البلوغ- قد كون هذا المفهوم لعمه ذاك نتاج تقييم شخصي، فالأمر بلا جدال نتاج قولبة ذهنية وايعاز وايحاء من جهة جعلت من الكره والايغال في الخصومة مسعى وتخطيط مدروس!

ثم ترردت أيضا ادعاءات (من قيادات) في قوى الحرية والتغيير، وكذلك من تجمع المهنيين ممن يناصبون الإسلاميين العداء باتهامات بمبالغ مليارية تخص (الكيزان)، حددوا كم تبلغ بالرقم وكذلك حددوا أسماء الدول والبنوك التي توجد فيها، وإذا بالأمر يتضح ويتبين بأنه مجرد تلفيق وكذب بُعيد نجاح الثورة!

ومن الاتهامات كذلك دمغ الكيزان بامتلاكهم لمليشيات مسلحة بإسم كتائب الظل، ولعل الأمر كان بناء على قول السيد علي عثمان محمد طه خلال برنامج تلفزيوني، حيث تحدث عن المسمى، لكنه لم يقل بأنها مسلحة! ، وإذا بنا لم نرها إلى يومنا هذا، وهم من كانوا أحوج لها للتحوط – على الأقل- على الدوس المزمع لهم دوسا!

وإذا بنا اليوم بين يدي هذه الجريمة الشنعاء، والتي لاتشبهنا في هذا الوطن النبيل بأهله، إذا بالفريق الآخر – بمجرد الإعلان عن الحادث- تصدر الاتهامات ثم الدمع بالتجريم! ، وإذا بي أتبين وجود منشورات من تجمع المهنيين وكذلك قوي الحرية والتغيير هي التي اوعزت ودعت الناس إلى الإتهام والتجرم للكيزان، بل وتدعو للتحشيد للمواكب، كما تحث حمدوك وحكومته إلى مايصل إلى قطع الرقاب دون انتظار لقضاء!

وقد قدر لي أن أتابع تغطية الفضائية السودانية خلال هذا اليوم منذ وقوع المحاولة المشؤمة صباحا، فإذا بجل الذي يتصلون بالبرنامج، أو الذين يُتَّصَلَ بهم؛ كوادر من اليسار، وتبين لي أن أغلبهم من حزب بعينه، قيادات وصحفيين، والقول منهم واحد بالاتهام والتجريم معا، بل وكاد البعض أن ينادوا بأن أخرجوهم أو اقتلوهم فإنهم أناس يتطهرون!

لعمري لن يكون في ذلك مصلحة للسودان، ولا أخاله سيسوِّد فئاما ويهبهم الحكم للأبد، أو حتى لسنوات، إنما ستعاد فينا هذه المكايدات، ويدور الدولاب ليصبح أسفله أعلاه، ويُستَفرغُ الغل، ويُرد الفعل الناقم والعقاب المُفتأت، ويُسعى إلى الإقصاء والإقصاء المعاكس، ويكون أهل السودان هم الضحية، في معاهم، وفي صحتهم، وفي تعليمهم، ومن قبل ذلك في أمنهم وراحتهم! .

الحكمة مطلوبة يا أحباب، فكلنا حالنا حال من استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا.

لنأخذ بيد بعضنا وندع شيطنة بعضنا، فذاك أحرى وأضمن ليسعنا هذا السودان الرؤوم، وليكن القضاء هو الفيصل في ذاا بيننا من اتهامات، وليبادر أهل الوعي والحكمة والنضج منا إلى السعي بين الفريقين بالإصلاح وإقناع المتجاوز بأن الخاسر الأوحد هو الوطن وأهله فيه؛ وإن اعتمر من اعتمر من الفريقين جنسية بلد آخر وجواز سفره.

اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

[email protected]

 

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٣)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٤)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٥)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٦)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٧)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٨)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٩)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (١٠)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (١١)

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (١٢)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!