آخر الليـلمقالات

مجرد حكايات عن السودان!!

.. أستاذ..
.. سبعة وعشرون مليون قرص ــ هي حجم شحنة المخدرات الأخيرة ــ تجعل السعودية تعرف أن تقديرها كان صحيحاً.
.. ودعوة سرية ــ نشير إليها الشهر الماضي ــ تقدمها السعودية لوزير داخلية السودان ــ للحديث عن تهريب الأسلحة ــ تجعلنا نشعر أن للأمر طبقات أخرى تحت الأرض.
.. ليتبين أن الطبقة الأخرى كانت هي الحديث عن المخدرات هذه.
.. وأربعمائة وأربعة وخمسون مليار جنيه هي قيمة المخدرات التي يكسر أربعة من الرجال ظهرها «عقيدان وآخران من الجمارك».
.. والسعودية تصفق للسودان.. وتحتفظ بجفائها الغريب للسودان.
.. في سلوك مفهوم.
.. والسودان يصفق لرجاله الأربعة «ولآخرين يطاردون ويعتقلون تسعة من رجال الشبكة».
.. والسودان بعد التصفيق ينسى الرجال هؤلاء.
.. و«891» رجلاً هم وكلاء النيابات وكل منهم يتلقى عشراً أو عشرين من القضايا كل صباح ليفصل فيها.
.. وشيء في النيابات يجعل المتهمين في قضية الأقطان يعتقل في ديسمبر الأسبق.. ويبقى حتى اليوم معتقلاً دون قرار.
.. وشيء ــ في النيابات أو القضاء يجعل اختلاسات مكتب الوالي تحسم في ساعتين ــ وتحصل على البراءة.
.. بعيداً عن القانون… «القانون المعروف على الأقل».
.. ويجعل قضية «التحكيم» للأقطان ــ التي تتبع خطوات القانون ــ تحصل على إدانة لها طبول.
.. ولا خطورة في أن يذهب سلوك بعض النيابات إلى شيء غريب هنا ــ وشيء غريب هناك.
.. والخطورة هي أنه لا أحد يخطر له أن «يرسل النيابة ــ للنيابة».
«2»
.. وملفات القصر الجمهوري تحمل أول خطاب إجازة يكتبه رئيس الدولة.
.. كتبه عبود.
.. وعبود ينطلق ــ في إجازة ــ إلى أركويت.. وهناك حين يلقاه حرس الشرف بالسلام الجمهوري يستمع ثم يقول لحرس الشرف
: حدك هنا.. أنا جاي إجازة.. ومعي الجلاليب.
.. الزمان والأحداث يومئذٍ أشياء كانت تجعل هذا مفهوماً.
.. والنصف الأول من عام 1955م ــ أحدهم ــ ضابط صغير في أحد الأقاليم ــ حين يفاجأ بنقل رئيسه يغضب إلى درجة أنه يقرر القيام بانقلاب.
.. والرجل ــ بالفعل ــ يقف صباح صلاة العيد ليعلن للمصلين انقلابه.
.. وضابط صغير آخر كان يقود الشرطة التي تحرس المصلين يطلق النار في الهواء ــ تأييداً ــ للانقلاب هذا.
.. وجماعة الانقلاب تعتقد أنها مقاومة.. وتهرب.
.. والضابط الثاني مازال حتى اليوم يتساءل عن معرفة البعض بالعالم.. والسياسة.. إلى درجة تجعله يقوم بانقلاب وانفصال لأن رئيس مجموعة قائد الانقلاب.. نقل.
.. العالم الذي كان يسمح لعبود في الستينيات بإجازته هناك لم يعد هو العالم الذي يسمح لصاحب الإنقلاب هذا بانقلابه.
.. لكن ــ بعض السودان مازال يجهل ذلك.
.. وحكاية صغيرة أخرى لعلها تكون شاهداً غريباً على أن السودان السياسي ــ أو بعضه ــ مازال يجهل التعامل مع العالم.
.. أفورقي ــ الذي تثير زيارته الأخيرة ما تثير ــ كان يختفي قبلها لأسابيع.
.. أفورقي كان يختفي الأسابيع هذه في منزل.. أحد السودانيين.. في الشرق.
.. ولعل بعض المسؤولين هناك كان يعرف.
.. وكان ــ كما يقول قرنق ــ يجعل الخرطوم تمسك قرون البقرة بينما هو يحلبها.
.. والسياسة هذه ــ وصاحبها هذا كلاهما لا يقبله السودان اليوم ــ ولا هو يصلح للتعامل مع ميزان السودان الذي يصنع الآن.
«3»
.. السودان الذي يصنع الآن هو سودان يعرف ــ أو يجب أن يعرف ــ كيف يكتب خطاب شكر.. وعلى ظهر شيك.. ــ لضباط الجمارك الأربعة.. ويعرف كيف يستقبل خطاب شكر ــ مكتوباً على ظهر شيك ــ صادر من الحكومة السعودية.. للحكومة السودانية.
.. ويعرف كيف يستقبل النيابة.. في النيابة.
.. ويعرف كيف يجعل المجلس الوطني يكتفي بمنصة المجلس الوطني ولا يتمطى لمنصة القضاء.
.. ويعرف.. ويعرف.
.. ويعرف كيف يرسل تحياته إلى مولانا أحمد إبراهيم الطاهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!