مقالات
تريند

عادل عسوم يكتب: خواطر رمضانية (الخاطرة الثالثة) بُشْرَى للأصدقاء!.30/3

سوداني نت:

قال الله جل في علاه:
{فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} الشعراء 100.
{وَلَا صَدِيق حَمِيم}الشعراء101.
يقول الحسن البصري رحمه الله في تفسير هذه الآيات الكريمات:
يدخل المسلم الجنة فيبحث عن صديق له كان في الدنيا ويسأل:
لماذا لا أرى فلاناً هنا في الجنة؟!
فيُجاب:
إنه في النار.
فيقول:
ياربي إني لا أجد للجنة لذّة الاّ برفقة صديقي فلان.
فإذا بالمنادي ينادي في النار:
يافلان أقْبِل؛ لقد شفع لك صديقك الحميم فلان وقضى الله بأن تذهب إلى الجنة!
فتضج النار من بعده حيث يقول أهلها:
{فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ}. الشعراء100
{وَلَا صَدِيق حَمِيم}. الشعراء101
وقال ابن كثير في تفسيره، إن قتادة قال:
(صديق حميم أَيْ قَرِيب، فأهل النار يَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّدِيق إِذَا كَانَ صَالِحًا نَفَعَ، وَأَنَّ الْحَمِيم إِذَا كَانَ صَالِحًا شَفَعَ).
انتهى قول قتادة
ويقول الشعراوي رحمه الله:
الشافع من الشَّفْع، أي الإثنين، والشافع هو الذي يضمُّ صوته إلى صوتك في أمر لا تستطيع أن تناله بذاتك، فيتوسط لك عند مَنْ لديه هذا الأمر، والشفاعة في الآخرة لا تكون إلاّ لمن أَذِن الله له.
يقول تعالى: {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى} الأنبياء 28.
ويقول سبحانه: {مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} البقرة 255.
إذن، لايصلح كل الناس للشفاعة.
ومعنى {وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ} فرْق بين الشافع والصديق، فالشافع لابد أن تطلب منه أن يشفع لك، أما الصديق وخاصة الحميم لا ينتظر أن تطلب منه، إنما يبادرك بالمساعدة.
ووصف الصديق بأنه حميم لأن الصداقة وحدها -حينها- لا تنفع، إذ كل إمرء مشغول بنفسه!.
فإذا لم تكُنْ الصداقة داخلة في الحميمية فلن يسأل صديق عن صديقه كما قالت تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وصاحبته وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} عبس 34- 37.
وقد أثارت مسألة الشفاعة لغطاً كثيراً من المستشرقين الذين يريدون تصيّد المآخذ على القرآن الكريم، فجاء أحدهم يقول:
تقولون أن القرآن معجزة في البلاغة ونحن نرى فيه المعنى الواحد يأتي في أسلوبين، فإنْ كان الأول بليغاً فالآخر غير بليغ، وإنْ كان الثاني بليغاً فالأول غير بليغ ثم يقول عن مثل هذه الآيات بإنها تكرار لا فائدة منه.
والرد عليه:
أنت تنظر إلى المعنى في إجماله، وليس لديك الملَكة العربية التي تستقبل بها كلام الله، ولو كانت عندك هذه الملَكة لما اتهمتَ القرآن، فكل آية مما تظنه تكراراً، إنما تأسيس في مكانها، لا تصلح إلا له!.
والآيتان محل الكلام عن الشفاعة في سورة البقرة هما متفقتان في الصدر مختلفتان في العَجْز:
{واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً} البقرة 48.
والأخرى: {واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً} البقرة: 123.
إذن فصدْر الآيتين متفق، أما عَجُز الأولى: {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ}، وعَجُز الأخرى: {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ} مختلفتان.
وحين تتأمل صَدْرَيْ الآيتين الذي تظنه واحداً في الآيتين، تجد أنه مختلف أيضاً، نعم هو مُتحد في ظاهره لكن حين تتأمله تجد أن الضمير فيهما إما يعود على الشافع وإما يعود على المشفوع له، فإنْ عاد الضمير على المشفوع له نقول له: لا نأخذ منك عدلاً، ولا تنفعك شفاعة وإنْ عاد الضمير على الشافع نقول له: لا نقبل منك شفاعة ونُقدِّم الشفاعة أولاً ولا نأخذ منك عدلاً.
التحية لكل الأصدقاء، وأسأل الله أن يجعلها صداقة حميمة خالصة لوجه الله، اللهم آمين.
[email protected]

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٦)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٢٥)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!