مقالات
تريند

عادل عسوم يكتب: خواطر رمضانية (الخاطرة الثامنة) 30/8

سوداني نت:

(مالايُنتبه إليه في شأن الغيبة والنميمة).

الغيبة والنميمة، بل الهمز واللمز تعد من أسوأ وأبغض مظاهر السلوك الإنساني، فكم تركس بالمرء وتقعي به عندما تصبح له طبعا وسلوكا!.

ويلاحظ بأن المتصف بهذا السلوك القميئ، تجده لايتخير إلا أصحاب الطوايا السيئة من الناس!، ومنهم الحُسّاد، والمعيانين، وأصحاب العقد النفسية ممن تحفل مجالسهم ومكالماتهم الهاتفية دوما ولا انشغال لهم إلا بالقيل والقال، ولاترتاح أنفسهم -المريضة- إلاّ بغيبة الآخرين، وترصّد أخبارهم دونما مسعى منهم للاستيثاق من صدقية الخبر والمعلومة، وبالطبع يكونون  أنأى الناس عن قيمة الستر للمسلم (وإن صح الخبر وصدقت المعلومة عنه)…

رحم الله عمر بن عبدالعزيز، فقد روي عنه أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئًا، فقال له عمر:

إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبًا فأنت من أهل هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾، وإن كنت صادقًا فأنت من أهل هذه الآية: ﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾، وإن شئت عفونا عنك، فقال الرجل:

العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدًا.

ليتنا نقتدي بالخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز فنفعل الذي فعل.

وقال صلى الله عليه وسلم: (وتجدون من شرّ الناس يوم القيامة ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

(ألا أخبركم بشراركم؟)

قالوا بلى، قال:

(المشَّاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون للبرآء العنت).

فقَدْرُ المسلم عند الله كبير، ويعظم -حتى-على بيت الله الحرام!

عن عبدالله بن عمر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: (ما أطيبَك وأطيبَ ريحَك، ما أعظمَك وما أعظمَ حرمتَك، والذي نفسى بيده لحرمةُ المؤمن أعظم عند الله تعالى حرمةً منك، مالِه ودمِه وأن نظنَّ به إلا خيرًا).

ومعلوم أن مدخل السوء الى النفوس دوما سوء الظن، وقد وردت في ذَمِّهِ وتحريمه العديد من الآيات التي نعلمها، وكذلك وردت في ذلك العديد من الاحاديث النبوية الشريفة ومنها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إياكم والظن، فإن الظن أكذبُ الحديث، ولا تجسَّسُوا، ولا تحسَّسُوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يَخطِب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك).

الشاهد في خاطرتي هذه (وهو الذي عنونتها به)، لجانب آخر في أمر الغيبة لاينتبه إليه الناس، إنه يتمثل في فضيلة، بل لعله (واجب) حري بالمسلم فعله، هذا الواجب يتمثل في الحديث الصحيح التالي:

عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن رد عن عرض أخيه كان له حجابًا من النار).

إنه حديث يغفل عنه الكثير من المسلمين، نبينا صلى الله عليه يخبرنا بأن الرد عن عرض المسلم يكون حجابا من النار، فالأمر لايتوقف بالنأي بأنفسنا عن الغيبة والبهتان والنميمة، إنما يتعدى ذلك إلى وواجب (الدفاع) عن الذي يتعرض له مرضى النفوس بالغمز واللمز والغيبة والبهتان.

كم يفوت علينا هذا الواجب العظيم المتمثل في الذَبِّ عن إخوتنا في غيبتهم.

بالله عليكم من منّا لايسعى إلى أن يوهب حجابا من النار؟!

بالله عليكم من منا لايسعى الى ردّ النار عن وجهه يوم القيامة؟!

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(ما من امرئ يخذل امرأً مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته وما من أحد ينصر مسلمًا في موطن يُنتقَصُ فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته).

اللهم إني أعوذ بك من أن أخذِل او أُخذَل..

وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: (اعلم أنه ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردها ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام زجره باليد، فإن لم يستطع باليد ولا باللسان فارق ذلك المجلس، فإن سمع غيبة لشيخه أو غيره ممن له حق عليه أو من أهل الفضل والصلاح كان الاعتناء بما ذكرنا أكثر).

اللهم أصلح نفوسنا، وزكها انت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولاتجعل الشيطان وليا علينا، واجعلنا هداة مهتدين ومُخْبتين لك، واعصمنا عن أكل لحم الناس، ولاتكبنا في النّار بحصائد ألسنتنا، انّك ياربي وليّ ذلك والقادر عليه.

[email protected]

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٧)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٢٦)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!