مقالات
تريند

عادل عسوم يكتب: خواطر رمضانية (الخاطرة العاشرة) مع سورة الإنشراح 30/10

سوداني نت:

(أرجوك أكمل القراءة)

كم ترتاح نفسي لهذه السورة!
إنها سورة مكية من سُور المفصَّل القصيرة، ويبلغُ عدد آياتها ثمانِ آياتٍ كريمات:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8).
لقد ورد في سبب نزول هذه السورة، عن عبدالله بن عباس رضي الله قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”سَأَلْتُ ربِّي مسألةً وودِدْتُ أَنِّي لمْ أَسْأَلْهُ، قُلْتُ: يا رَبِّ! كانَتْ قَبلي رسلٌ منهُمْ مَنْ سَخَّرْتَ لهُ الرِّياحَ، ومِنْهُمْ مَنْ كان يُحيي المَوْتَى، وكلمْتُ موسى قال: أَلمْ أَجِدْكَ يتيمًا فَآوَيْتُكَ؟ ألمْ أَجِدْكَ ضالًا فَهَدَيْتُكَ؟ ألمْ أَجِدْكَ عَائِلًا فَأَغْنَيْتُكَ؟ أَلمْ أَشْرَحْ لكَ صَدْرَكَ، ووضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ؟ قال: فقُلْتُ بلى يارَبُّ؛ فَوَدِدْتُ أنْ لمْ أَسْأَلْهُ”
وهو حديث صحيح عند الألباني.
هذه السورة يلهج بها لساني كلما اعتراني هم، أو أَلَمَّ بصدري ضيق، أقرأها دوما في ثنايا ركعتين ما لم يكن الوقت وقت نهى عن صلاة النافلة، ولعل السبب في حضور هذه السورة عندي؛ (رسوخ) قصة شق صدر نبينا صلى الله عليه وسلم في وجداني، فقد كانت الوالدة أطال الله عمره – وهي أُمِّيّة- تحكيها لنا دوما خلال طفولتنا، وأذكر أنها كانت تهدهد شقيقي الذي يليني وتحكيها، فما كان مني إلا أن بكيت غاضبا باعتبار أن خاصة بي، وطلبت منها أن تحكي له قصة أخرى سوى قصتي، وإذا بي أعتاد مشاهدة تفاصيل القصة خلال رؤاي وأحلامي، وعندما كبرت وقرأت تفاصيل شق صدر نبينا صلى الله عليه وسلم (في الصحاح) دهشت حقا بكون كل التفاصيل التي اعتدت رؤيتها خلال أحلامي مطابقة تماما للذي أتى في الصحاح!، وسبب دهشتي أنني عندما طلبت من الوالدة إعادة سرد تفاصيل القصة؛ لم أجدها بذات الضبط الذي طابقت فيه رؤاي تفاصيل القصة في الصحاح!
في ثنايا هذه السورة (لطيفة) لايتبينها العديد منا، فقد قال ابن القيم رحمه الله:
قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} فالعسر – وإن تكرر مرتين – فتكرر بلفظ المعرفة، فهو واحد، واليسر تكرر بلفظ النكرة، فهو يسران، فالعسر محفوف بيسرين، يسر قبله، ويسر بعده، فلن يغلب عسر يسرين!.
انتهى قول ابن القيم.
وقد أورد الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي في التلخيص بأن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أنه بلغه أن أبا عبيدة حصر بالشام، وقد تألب عليه القوم، فكتب إليه عمر: سلام عليك، أما بعد: فإنه ما ينزل بعبد مؤمن من منزلة شدة إلا يجعل الله له بعدها فرجا، ولن يغلب عسر يسرين، و{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} قال: فكتب إليه أبو عبيدة: سلام عليك. وأما بعد: فإن الله يقول في كتابه: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد} إلى آخرها. قال: فخرج عمر بكتابه فقعد على المنبر فقرأ على أهل المدينة ثم قال: يا أهل المدينة! إنما يعرض بكم أبو عبيدة أن ارغبوا في الجهاد).
وبالطبع فإن السورة تحكي عن قصة (حقيقية) لحادثة شق الصدر التي وقعت لنبينا صلى الله عليه وسلم خلال طفولته، سأسعي إلى أيرادها واصلا مابين شهودي اياها خلال رؤاي المنامية وصلا بالصحاح من كتب السيرة النبوية المشرفة،
فقد صحت الروايات بأن الحبيب صلوات الله وسلامه عليه قد شُقّ صدره والأدلة على ذلك ثابتة.
ومسرح الحادثة كان مضارب بني سعد:
لكأني بأطفالٌ يلعبون، وأمامهم أغنامٌ ترعى في خلاء قريب من خيمة حليمة السعدية مرضعة نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وإذا برجلين يأتيان عليهما ثيابٌ بيض، فيتخيران أوسم الأطفال وأكثرهم وضاءة، إنه طفلٌ يبلغُ من العمر أربع سنوات وبضعة أشهر.
ظل الطفل ينظر إليهما بعينين ملؤهما البراءة وإحسان الظن بكل الناس، فقد كان يتيما يفقد حنان الأب منذ أن اكتحلت عيناه بنور الدنيا، يربت الرجلان على كتف الصبي ثم يرقداه على ظهره؛ ويبدآن في شق صدره على مرأى من رصفائه من الأطفال!
وما إن يرى الأطفال مآل رفيقهم حتى ينطلقوا في أثر أخيه من الرضاعة مذهولين، ويصل أخوه وهو يصيح مذهولا من هول مارأى:
-أمي حليمة، أمي حليمة…
لقد جاء رجلان عليهما ثياب بيض، وقتلا أخي القرشي.
تذهل حليمة، وتنطلق إلى حيث يشير ابنها ومن خلفها زوجها الحارث بن عبدالعزى، فإذا به تجده ممتقع اللون، وما إن رآها حتى أجهش بكاء وارتمى في حضنها، هذا هو المشهد الذي اعتدت رؤيته خلال الكثير من رؤاي المنامية منذ طفولتي.
صلى عليك الله يانبي الهدى ماهبت النسائم وماناحت على الأيك الحمائم.
لقد أجمع أهل السيرة النبوية على أن حادثة شق صدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من ارهاصات النبوة، وقد قال جلهم بأن حادثة الشق تدل على تطهيره من حظ الشيطان (عصمة له من الشرور والآثام وعبادة غير الله فلا يحل في قلبه شيء إلا التوحيد)، وبالفعل فإن نبينا لم يقترف إثماً، ولم يسجد لصنم بالرغم من شيوع ذلك في قومه صلى الله عليه وسلم.
الحق أقول إنني لم أجد هذا التفسير والتبرير مقنعا، فحادثة الشق (مادية)، بينما التفسير والتبرير الذي يقوله المفسرون (معنوي)!
لنقرأ سياق القصة كما أوردها مسلم رحمه الله في صحيحه:
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل علية السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه عليه الصلاة السلام فشق قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة فقال: هذه حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه- يعني ظئره- فقالوا إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو ممتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر المخيط في صدره).
انتهى.
لقد ذكر البوطي في سيرته الآتي:
(يبدو أن الحكمة في ذلك اعلان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وتهيّؤه للعصمة والوحي منذ صغره بوسائل مادية؛ ليكون ذلك أقرب الى إيمان الناس به وتصديقهم برسالته. إنها إذن عملية تطهير معنوي ولكنها اتخذت هذا الشكل المادي الحسي ليكون فيه ذلك الإعلان الإلهي بين اسماع الناس وأبصارهم. ان اخراج العلقة منه تطهير للرسول صلى الله عليه وسلم من حالات الصبا العابثة والمستهترة واتصافه بصفات الجد والحزم والاتزان وغيرها من صفات الرجولة الصادقة. كما تدلنا على عناية الله به وحفظه له وانه ليس للشيطان عليه سبيل).
انتهى قول البوطي.
لكن حديث الشيخ البوطي هذا-أثابه الله- لم يروي ظمأي.
فمنذ أول عهد لي بحادثة شق الصدر، إنداح إلى خاطري تفسير لها مختلف، وذلك بعد أن قرأت وصف نبينا صلوات الله وسلامه عليه لهيئة جبريل عليه السلام عندما رآه، وهو وصفٌ ينبي عن قدرة (خارقة) للرؤية لدى حبيبنا ونبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
قالت عائشة رضي الله عنها إنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطًا من السماء سادًّا عِظَم خِلْقِه ما بين السماء والأرض”.
وذات القدرة على الإبصار وهبها الله للحبيب عند عروجه إلى السموات العُليا، وأبرزها تظهر عند توقف جبريل عليه السلام عند نقطة بعينها (دون سدرة المنتهى) ليقول لنبينا صلوات الله وسلامه عليه بأنه لاقدرة له على التقدم والمواصلة فوق تلك النقطة!…
فيتقدم الحبيب وحيدا، ويرى سدرة المنتهى بأم عينيه الشريفتين، وهي رؤية لاتتأتّى لعيني بشر سوى رسول الله.
سؤالي:
ألا يحتاج كل ذلك تهيئة قَبْليّة (مادية) لنبينا صلى الله عليه وسلم؟!
فقد رأى نبينا صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى ووصفها كما جاء في سورة النجم:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} النجم 17،16.
فالبصر ما زاغ ولا طغى
وماذا إلا لأن الله قد هيأه -من قبل-لذلك!
لعمري إنها التهيئة (المادية) التي مكّنت الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه من رؤية وإدراك، وكذلك (إحتمال) مالا طاقة للبشر على رؤيته وإدراكه واحتماله!.
فالعين البشرية محدودة القدرة على الرؤية مهما كانت حدة الإبصار فيها، والرؤية لاتتم الاّ بعد سقوط الضوء من مصدر ما على جسم ثم ينعكس إلى العين لتتم الرؤية، والضوء في ذاته هو عبارة عن أمواج الكترومغناطيسية قوامها الإليكترونيات الخارجية التي تدول حول أنوية الذرات، وتسير هذه الأمواج في مجالات مختلفة من الأطوال الموجية المقاسة بوحدة تسمى (النانو ميتر nm)،
والضوء -الذي خلق لنا الله القدرة على رؤيته- ينحصر في طول موجي (من 380 الى 780 نانوميتر)، وتنتهي قدرتنا كبشر على الإبصار في المدى الأطول أو الأقصر من الطول الموجي المذكور أعلاه.
وفي حالة زيادة الطول الموجي عن ذلك يتحول الضوء من (مرئي) الى أشعة تحت حمراء (غير مرئية)، ثم إلى أشعة ميكروويف، ثم الى أشعة رايوويف، وهي ذات طول موجي يزيد عن 3 سنتمتر.
وفي حالة انقاصنا للطول الموجي، تنعدم -ايضا- قدرتنا على الابصار، حيث يتحول الضوء من مرئي الى أشعة فوق بنفسجية قريبة وبعيدة (غير مرئية)، ثم أشعة سينية، وأخيرا أشعة جاما بمجال طول موجة يقل عن 0.01 نانوميتر، وتكون طبيعة الأنتقالات المحددة في المادة في الأشعة فوق البنفسجية القريبة والبعيدة هي ذات الالكترونات الخارجية لذرة أو جزئ المادة كما هو في الطيف المرئي، ولكن بمجالات طاقة تختلف عن الضوء المرئي.
ثم تكون الأنتقالات في حالة الأشعة السينية من الإلكترونيات الداخلية لذرة المادة، وأخيرا في حالة أشعة جاما تتحول الأنتقالات الى انتقالات نووية.
وبذلك فإن العين البشرية ترى في حدود طول موجي محدد للضوء وهو (من 380 الى 780 نانوميتر) …
وقد أصطلح على تسمية هذه المساحة من الضوء ب(الضوء المرئي) ، ويعني ذلك أن العين البشرية لا يمكنها الرؤية فيما عدا هذا الطول الموجي برغم وجود الضوء!
فالضوء -دون وفوق- ذاك الطول الموجي المذكور يكون (موجودا)، ولكنه في صور أخرى كما أوضحت في المداخلة السابقة.
فهل خلق الله عينا لمخلوق آخر تستطيع الرؤية خلال طول موجي أعلى أو أقل عن المدى المذكور أعلاه؟
نعم هناك أعين أخرى.
فقد ثبت علميا بأن (النحلة) تحتمل أشعة ذات طول موجي يتراوح مابين( 10 الى 200 نانوميتر ) وهي الاشعة المسماة ب(الأشعة فوق البنفسجية البعيدة) للرؤية، والمعلوم أن الطول الموجي للضوء كلما كان أقصر، فإن الرؤيا تتم بشكل اسرع مما هو في حالة الضوء المرئي!
وبذلك فان النحلة تستطيع أن ترى الاشياء بدقة أكثر وبسرعة أكبر من الأنسان!
ولعل الحكمة الإلهية من ذلك أن المساحات التي تطير فيها النحلة أصغر أبعادا وأكثف موجودات، فهناك تشكيلات الزهور العديدة وأجزاء النباتات الأخرى، وهي تحتاج إلى سرعة الرؤية وتحديد الإتجاه أثناء طيرانها في تلك الأمكنة الضيقة.
وبذلك فإن النحلة إن عرض لها مقطع متحرك (فيديو)، فإنها تستطيع مشاهدة كل لقطات الصور المتحركة كصور ثابتة!، وللعلم فإن صور الفيديو المتحركة هذه ليست سوى صور ثابتة لكنها متتالية، ونراها نحن صورا متحركة نسبة لطول الموجة التي نرى من خلالها نحن كبشر، بينما تستطيع النحلة رؤية تلك الصور (صورة صورة) وذلك لقدرتها على النظر من خلال طول موجي مختلف عنا.
فالصور التي تنقل إلى العين الرائية ان كانت في مدى موجي أقصر -كما في حالة الأشعة فوق البنفسجية (كمثال النحلة)- يكون فيها زخم كبير من التفاصيل، بحيث تحتاج إلى عمليات حسابية ضخمة في المخ، كي تتمكن العين من رؤيتها وتمييزها، وقد وجد العلماء بأن النحلة تقوم بمليون مليون – أي مليار- عملية حسابية في الثانية الواحدة كي تتمكن من معرفة كنه (لقطة) نظر واحدة!!
وهناك أيضا دراسات قامت بها شركة كوداك على عين الديك، فوجدوا بأن الطول الموجي للشعاع الضوئي الذي يمكن بعين الديك استقباله والتعامل معه هو مابين (200 الى 380 نانوميتر)، وهي الأشعة الفوق بنفسجية (القريبة) إلى الضوء المرئي، ويعني ذلك أن الديك يرى أسرع من الأنسان، وأبطأ من النحلة.
وقد ورد في مجلة (باييت مقازين) عدد 1992أكتوبر، بأنه قد أجريت دراسات عديدة على عين الحمار، فوجدوا في تقنية الإبصار لديه قدرة على إستقبال والتعامل مع الأطوال الموجية الأطول التي تنحصر مابين (0.780 و400 أنجشتروم)، وهو المدى الموجي الذي يميز الاشعة تحت الحمراء، حيث تكون الانتقالات اهتزازية ودورانية في المادة.
ويعني ذلك أن الحمار بطئ جدا في القدرة على رؤية الأشياء دون الأنسان، لكنه يمكنه كذلك الرؤية في الظلام الدامس!.
يقول الله جل وعلا في محكم تنزيله:
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} التين 4.
قد يقول قائل؛ لأن كان الأمر كذلك لماذا لم يخلق الله العين البشرية قادرة على الرؤية من خلال كامل الضوء (مرئيّهِ وغير مَرئيّهِ)؟!.
ولماذا تتفوق عين النحلة عين الديك على العين البشرية؟!
للإجابة على هذه الأسئلة اقول:
المعلوم أن تمام الأمر وجودة الشئ لا يرتبط بالفوت في صفة أو مَلكة ما؛ بقدر ارتباطه بتناسق كامل المَلَكات أوالصفات،
فال (خفّاش) كمثال يستطيع السمع في درجة التي دون درجة الصوت المسموع!
فالصوت أيضا حاله كحال الضوء له مجالات (فوق) و (أسفل) المدى الصوتي الذي تسمعه الأذن البشرية.
لنتخيل أن الله قد جعل للأذن البشرية القدرة على سماع الأصوات الأدني، فكيف يكون حال الانسان إن أعطاه الله القدرة على السمع مثل الخفاش؟.
بالقطع لن يستطيع أحد منّا النوم ولا الراحة بسبب الضجيج العجيب وغير المحتمل الذي ستلتقطه أذنه!
ولأن قدر الله لنا بأن يتسع مجال الرؤية لدينا لنرى من خلال الأشعة فوق البنفسجية أو تحت الحمراء، تخيلوا كم وكثافة الصور وحراك الأشياء أمام أعيننا ونحن نصوب إلى واقع محدود يتصل بأكلنا وشربنا وسياقات حياتنا المعلومة!…
الا يعدُّ ذلك (طفرة) لن تفيد الأنسان بقدر ما تضره؟! …
فالانسان يحتاج الى مجال رؤية، ومجال ذوق، ومجال سمع، ومجال شم، ومجال حس، ومجال تفكير، يتناسب مع الذي بين يديه مما يتصل ويفيد الحياة، فالكلٌّ ميسّرٌ ِلما خُلِق له في خلقه وقدراته.
كما أسلفت لقد أجمع علماء التفسير على أن الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم رأى عيانا جبريل عليه السلام مرّتان، وأنه أيضا راى عيانا سدرة المنتهى.
ففي الحديث الثابت في صحيح البخاري أن عائشة رضي الله عنها قالت في تفسير الآيتين:
{وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ} التكوير23، ثم الآية {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} النجم 13 قالت رضي الله عنها:
أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطاً من السماء ساداً عِظَمُ خلقه ما بين السماء والأرض.
وقد حدثت الرؤية الأولى من بعد بدئ الوحي عندما كان يعتكف في أجياد، وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في رواية أخرى بأنه له ستمائة جناح، وكان من الضخامة بحيث أنه قد سد كامل خط الافق بجسمه !!…
والرؤية الثانية لجبريل عليه السلام -على هيئته الأصلية- كان عند سدرة المنتهى، عندما عُرِجَ به صلى الله عليه وسلم الى السماء!…
ثم أجمع العلماء ايضا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى عيانا سدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى…
وقد ورد في وصف جبريل عليه السلام وفي وصف سدرة المنتهى أوصافا يتأكد من خلالها عجز العين البشرية بتفاصيلها التشريحية الحالية عن أستيعاب كامل صورتي جبريل عليه السلام -على هيئته الحقيقية- وصورة سدرة المنتهى …
الخلاصة:
أقول والله أعلم بأن الله قد أعطى لعيني رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وعقله قدرات اضافية؛ بحيث أمكن لعينيه الشريفتين أن تستقبلا (كامل) الطول الموجي المميز للأشعة فوق البنفسجية بعيدها وقريبها، وقدر الله كذلك لعقله صلى الله عليه وسلم بأن يتعامل مع سرعة ذلك الطول الموجي القصير جدا احاطة بكل التفاصيل بتوفيق الله، ولنا هنا أن نتوقف بين يدي الآية الكريمة {مازاغ البصر وما طغى} مستصحبين حادثة حادثة شق صدر رسولنا صلى الله عليه وسلم في صباه عندما كان يرعى الغنم في ديار بني سعد وفي الخاطر والبال مانقلته لنا السنة المطهرة والسيرة المشرفة عن الكثير من التمييز الرباني لرسولنا عن باقي البشر في القدرات والحواس، فهو صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق خِلْقَةً وخُلُقا.
والله قد قرن البصر والعقل بالقلب – وإن كان المعنى هنا مجازيا- حيث قال جل في علاه:
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ} الحج 46.
صلى عليك الله يانبي الهدى ماهبت النسائم وماناحت على الأيك الحمائم.
[email protected]

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٨)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٢٧)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!