مقالات
تريند

عادل عسوم يكتب: رسالة إلى كل أهلي في الشمال

سوداني نت:

أتابع منذ اشهر مسعى العديد من الإخوة والمجموعات في الولاية الشمالية لتكوين أجسام وكيانات للمطالبة بحقوق أهلنا في ثنايا مباحثات السلام المنعقدة في دولة جنوب السودان.
الحق أقول بأنني لم أسعَ للانضمام إلى أي كيان أو تجمع منها بالرغم من دعوات كريمات وصلتني من بعض قياداتها، والسبب الأساس في ذلك رفضي لت وهناك سبب آخر يتمثل في طرحي الآتي، وهو أن تجتمع (كل) الكيانات التي تكونت على طلب (أوحد) لاثاني له، أحسبه ان تمت الموافقة عليه من الحكومة ان يكفينا عسف ورهق كل المطالبات العديدة التي احتشدت بها طروحات الأحباب في كل تكوينات أهل الشمال.
والطلب يتمثل في الآتي:
(الموافقة والدعم لشق ترعتي سد مروي).
ومقالي أدناه كتبته قبل سنوات، اسمحوا لي بإعادة صياغته، وأتحدث فيه عن الترعتين ومايحيط بهما من Hydrography.
بسم الله أبدأ.
كثيرا ما تفرض العديد من مشاريع البنى التحتية في العالم ذواتها على الناس، فينهضون بعزم لانجازها، وكم من أمم وشعوب تغير حالها إلى النقيض بعد الفراغ من تلك المشاريع واتمامها، ودوننا مافعله السد العالي للشعب المصري، ومشروع سد الممرات الثلاث على نهر اليانغتسي (النهر الاصفر) في الصين، وكذلك مشروع زراعة اشجار نخيل الزيت في ماليزيا، والذي اصبحت بفضله تنافس اندونيسيا اكبر منتج ومصدر لزيت النخيل وصناعاته في العالم، وهانحن في شمال السودان قد حبانا الله بسد مروي الذي أصبح حقيقة ماثلة، ودونه الكثيف من الرؤى والآمال سبق أن عبر عنها شهيد شريان الشمال راحلنا النبيل حميد، فقد رأى بعين الرجاء والأمل صحراء بيوضة تصبح سوحا من براسيم ولوبا!.
هذا السد لا أخال أهلنا قد افادوا منه الفائدة المرجوة حتى الآن، إذ الفائدة حري بها أن تكون أضعاف المتاح الآن والذي يقتصر على التوليد المائي للكهرباء.
كلنا نعلم أن ولايتنا الشمالية مافتئت أرضها بكر تحشد ب14 مليونا من الافدنة الصالحة للزراعة لم يُستغل منها إلا القليل!
ذلك يستوجب إسهام سد مروي من خلال ترعتين تتفرعان على الجانبين من جسم السد.
هاتان الترعتان ينبغي أن لا يكون أمر شقهما مجرد آمال واشواق فقط لأهل الشمال وبقية ارجاء السودان، بل ب(حتمية) تستلزمها حقائق علمية فرضت نفسها على أرض الواقع، وحوجة ماسة للارتقاء بحال سكان هذه الولاية، بل إن شق الترعتين أصبح حلا لامناص منه لاشكالات أضحت تهدد جسم السد، وأخرى تقضّ مضاجع أهلنا؛
1- اشكالية الاطماء:
نسبة الإطماء أو مايسمى بالطمي الزاحف (Bed Load) في نهر النّيل قبل التقائه بالعطبراوي تبلغ 170 مليون طنّ سنويّاً، وتبلغ نسبة الإطماء في نهر عطبرة فقط 84 مليون طنّ سنويّاً. عليه فإن نسبة الإطماء فيما بعد التقاء النّيل بنهر عطبرة تبلغ 250 مليون طنّ سنويّاً على أقلّ تقدير!
هذا الكم الهائل من الطمي يؤثر على جسم بحيرة سد مروي- على حداثتها- منذ الآن!
وكمثال آخر فإن خزان خشم القربة الذي افتتح عام 1964م كانت سعته الابتدائيّة حوالي 1300 مليون متر مكعّب، ولكن نسبة الإطماء العالية التي يحملها نهر عطبرة بفرعيه سيتيت وأعالي عطبرة قد أدّت إلى نقصان حجم كفاءة البحيرة إلى 840 مليون متر مكعّب في عام 1972م كما ورد في دراسة للمهندس سيف الدّين حمد عبدالله.
أما خزان سنّار والذي تم افتتاحه في عام 1925م لري مشروع الجزيرة والذي له بحيرة طولها مايقارب المائة كيلا (كيلومتر) فقد كانت تلك البحيرة تسع مامقداره 930 مليون متر مكعب حتّى منسوب 421.70 متراً، لكنها تناقصت إلى 430 متر مكعب تقريباً بسسب الإطماء.
(ذات المصدر السابق).
هذه بعض امثلة، وبالطبع إن هذا الكم الكبير من الطمي سينقص منه تشغيل سد النهضة حوالي النصف أو اكثر قليلا، ومعلوم أن نهر عطبرة عبارة عن سيل يجرف معه مايعادل ثلث الطمي الذي يأتي عادة من النيل الأزرق، وبالتالى فإن كمية الطمي التي تصل إلى سد مروي تظل عالية (حتى بعد تشغيل سد النهضة)، ويحتاج هذا الكم من الطمي إلى تصريف من حوض بحيرة سد مروي، ولايتسنى ذلك إلا بشق الترعتين لتسهمان في ذلك، ومن يفيد اهلنا في الشمال منه في الزراعة.
2- الإشكالية الثانية هي إشكالية (التبخر) للمياه من سطح البحيرة، وقد أثبتت القياسات بأنه يفوق ال2.1 مليار متر مكعّب سنويّاً! زد على ذلك أن حوض البحيرة يحتجز مابين ال4 و ال7مليار متر مكعب؛ تتأرجح مابين فترتي الإنحسار والفيضان، وهذه تظل مياها حبيسة غير مستفاد منها، وهي للعلم محسوبة ضمن نصيب السودان الذي يبلغ ال18.5 مليار متر مكعب.
شق الترعتين يعمل على الإفادة من هذه الامواه المحتبسة بلا فائدة تقريبا، علما بأن التوليد الكهربائي في سد مروي لايحتاج إلى كل هذا الكم من المياه المحتجزة.
قد يقول قائل بأن الترعتين والقنوات المتفرعة منها قد تزيد من نسبة التبخر للمياه بزيادة المسطحات المائية في منطقة صحراوية حارة ومشمسة، هناك حل ناجز لذلك بمشروع مصاحب لايكلف كثيرا عماده مصنع لأنابيب المياه/المواسير يتم تصنيعها من الألياف الزجاجية المضغوطة والمعروفة بإسم (GRP)، هذه الأنابيب تصنع من الرمال، ومعلوم أننا نملك في شمال وغرب السودان أفضل أنواع الرمال لصناعة هذه الأنابيب، وكذلك لصناعة ألواح الطاقة الشمسية Solar Panels، والإسم العلمي للرمال هو ثاني أوكسيد السيليكون SiO2, ولي صلة بشركة هولندية مختصة بإنشاء مصنع لهذه الغاية، وهناك شركات أخرى صينية، وعماد المصنع فرن يصهر الرمال ويحولها إلى صوف زجاجي تصنع منه الأنابيب بكل أقطارها صغيرة كان أو بأحجام ضخمة، ولايقتصر عملها على تصنيع الانابيب فقط ،إنما تصنع -من ذات الرمال- صوامع الغلال، والهناقر الضخمة لاستخدامات البنى التحتية المدنية والعسكرية، هذه الأنابيب تعد حلا ناجعا وغير مكلف لاشكالية تبخر المياه من الترعتين، وكذلك تقدم لنا حلولا للكثير من مشاكل قنوات المياه المعتادة والتي اقعت واثقلت كاهل مشروع الجزيرة وعدد من مشاريعنا الزراعية الأخرى، ولا تحتاج إلى انشاء كباري بمرور السيارات عليها، ولامعابر تنظم سير المواشي والحيوانات التي تنفق منها المئات في قنوات الري في مشروع الجزيرة.
3- الاشكالية الثالثة وهي من الأهمية بمكان وقد ذكرتها من قبل، وتتمثل في (ظاهرة) التسرب أو النز كما نسميه في الشمال.
ومعلوم أن هذه الظاهرة مردها إلى الضغط الهائل للمياه المحتجزة في بحيرة السد، والنيل (تنحدر) الأرض أمامه في انخفاض إلى أن يصل إلى مدينة حلفا ومنها إلى مصر، هذا الانحدار مضافا إليه طبيعة التربة الصحراوية والتي يغلب عليها الرمال والحجر الهش (حجر السون) يعمل الضغط الاسموزي الناتج عن ضغوطات أعمدة الماء في البحيرة وعلى أطرافها إلى حقن آلاف الأمتار المكعبة من المياه في مسارب تتخلل تربة المناطق المتاخمة للنيل، لتظهر في شكل تسربات مائية اقضت مضاجع أهلنا، مما جعل البعض منهم يفكر في الارتحال وترك المكان، هذه الإشكالية ستنتهي بشق الترعتين، فالترعتان تعملان على التخفيف من ثقل المياه في جسم البحيرة، وبالتالي ينتفي الحقن المائي بانسياب الماء فيهما، ومن ثم تتم الإفادة منه في الري واستصلاح أرضنا لتزهر قمحا وفولا وموالح، فتتحقق نبوأة حميد رحمه الله حين قال:
يلاقوك شفّع الكتـّاب
نضاف وظراف بلا النسمى
يغنولك غناوى السـاب
وفى بيوضة مافى سراب
جبال كجبي وفيافى الكاب
تميد بى الخضرة منقسمى
فيافى الصّى وبيوضة
البراسيم فيها مفروضة
خدارا يرارى شوف عينى
على الأبواب طواريها وحواريها
بقت روضة
بقت تشرب من الحامداب
تشوفى رهاب بُعُد نجمى.
لنجعل مطلب شق الترعتين مطلبنا الأساس والتوحد يااحباب، فمن بعد إنجاز الترعتين يمكننا أن ننجز كل المطالب التي احترمها والتي تقدمت بها عديد مكوناتنا وكياناتنا الحالية، لنتحد جميعا لنحصل على موافقة الحكومة ونتفرغ من بعد ذلك إلى السعي في أمر التمويل، وإني لواثق بأن إنسان الشمال مسنودا ببقية أهل السودان في الداخل والخارج يمكنهم بكل يسر إكمال المبلغ الذي تسهم به حكومتنا المركزية، وبين يدينا تجربة أهلنا في اثيوبيا وقد تداعوا جميعا وجمعوا من المال ما أسهم في جعل سد النهضة ينهض شامخا ليغير بتوفيق الله حالهم وكذلك حالنا إلى الأفضل.

[email protected]

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٩)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٢٨)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يقول هذه الرسالة أكملت العام ولا بوادر إستجابة من الحكومة وأصحاب المشاريع أصابهم الملل من الإنتظار:

    المقال أعلاه أكمل العام ولا بوادر إستجابة من الحكومة الانتقالية وأصحاب المشاريع قد أصابهم الملل من طول الإنتظار .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!