مقالات
تريند

د. عبدالكريم محي الدين يكتب: وفاة الامام حياة له

سوداني نت:

توفي الامام و الحزن ينزل على كل الشعب السوداني و لا يستبعد منهم احدا حتى عدو الامام نفسه يصيبه الحزن و يبكيه الفقد و يشعر بفجوة المكان و توحش السياسة و غياب الحكمة …

لم يكن الامام زعيما لحزب الامة وحده و لا ابا روحيا لكيان الانصار وحدهم بل كان يمثل شخصية عامة يسري حبها في دماء السودانيين كافة …

ذلك لانه كان يمارس السياسة من جانبها العادل و ينطلق بها من منصة الوطنية الخالصة و يرى ان من خالفه ليس عدوه و ان من وافقه ليس امعةً و ان من عمل معه لا يعمل الا لأجل الوطن و اعلاء القيم …

و ذلك ايضا لأنه يمارس الديمقراطية بعدالة و شفافية فتراه يبسط الشورى دون ضعف و يمسك بتلابيب الامر دون دكتاتورية و يرخي جانبه تواضعا دون بساطة معيبة و تراه يستمع لمن حوله بحضور كامل و بدهن متقد …

و شخصية الامام لا تحمل حقدا لعدو و لا تعرف التشفي فاذا ملك صفح و اذا قدر عفا و اذا ظهر تواضع و اذا علا لان و اذا انتصر نشر التسامح و المحبة و السلام …

و سر محبة الناس له انه كان يحب الجميع و ينزل الناس منازلهم فلا يغلق بابه عليه و لا يحصر داره لنفسه و لا يجعل ماله لخاصته بل هو و نفسه و ماله و أهله مبزولا للسودانيين جمعاء …

و لم يكن سياسيا همه الكرسي و لم يكن حزبيا همه الحزب و لم يكن سودانيا همه السودان فقط بل كان يمارس السياسة من اجل التنمية الوطنية العامة و التنمية البشرية العامة و يدير حزبه من اجل اشاعة التنافس الكريم و من اجل تقديم النموذج الديمقراطي الأفضل و من اجل القدوة و الحسنى و تسابق الخيرات و لذلك تعدى الامام الشخصية المحلية و امتلك محلا عاليا في موقع اكبر الشخصيات العالمية …

و كل ما أقوله عن الامام لي به شواهد كثيرة اكبر سعة من مجال المقالات فكيف أحصر سفره الخصم في كلمات وهو الذي عالج السياسة القومية منذ بداية ستينات القرن الماضي و قدم في ذلك سجلا ناصعا و حكمة و دراية واسعة و هو الذي قدم بحوثا علمية اكثر من ان أعدها في هذا المقام الضيق و كتب كتبا قيمة تذخر بها المكتبة الاسلامية و العربية و انتشرت بمحاضراته وسائط ووسائل التواصل الاجتماعي …

وهو المفكر السياسي و العالم الديني و الخطيب المفوه و الأديب الذي أحبته كلمات اللغة العربية و احرف الإنجليزية و تشرفت بكتابته عديد من الصحف و المجلات و ترك بصمات واضحة على منابر المساجد و قاعات الطلاب …

و بفقده تفقد البلاد حكيما لقمانيا و ابا روحيا فلا يضمد جراحها الا اتباع منهجه و اقتفاء اثره و استلهام روحه في لم الشمل و توزيع الامل و زرع المحبة و السلام …

وكان رأيه واضحا في قضية التطبيع مع اسرائيل وقد يكون من اجل هذا الرأي لقي ربه شهيدا راضيا مرضيا …

وقبل ان نواريه الثرى جوار المجاهدين من ابائه لابد ان نرسل رسائلنا للذين لايعجبهم منهج الامام في مواصلة الجهاد ضد الخنوع و الركوع للغرب و محوره و ربيبته …

تلك الرسائل تحمل اولا ان الامام لم يمت في إرثه التاريخي اذ سلم الراية لخلف لا يتمثل فقط في حزب الامة القومي و إنما سلمها لجميع من يؤمن بسعة الوطن و ضرورة الشورى حتمية الشفافية و لزوم تقبل الاخر …

وثانياً ان المبادرات الوطنية التي قادها الامام في توحيد الصف و بناء السلام السياسي و الاجتماعي و الوطني لن تمت بعد استشهاده فقد تبنتها القاعدة العريضة من ابناء و احزاب الوطن التي تحمل ذات الهم …

وانا لله و انا له راجعون و جبر الله كير امتنا في فقد أمامنا و الله اكبر و لله الحمد …

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٣١)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٣٠)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

تابعنا على “أخبار قووقل”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!