سوداني نت:
بعد مفاصلة الإسلاميين بدأ الانحدار الى هاوية الفشل و زادته الى ذلك حدة الاستقطاب على حدي المعادلة السياسية المعارض و الرسمي مما اسكت الاخير على قضايا الفساد الاداري و المالي و الذي بدأ يظهر في مفاصل الدولة و في موسسات الحزب الحاكم نفسه …
و عدم قدرة الإسلاميين على تغليب الحكمة في معالجة الامر و تدارك الاختلاف و تداعياته ، يعتبر هو الفشل الذي ادى الى سقوط التجربة و تحمل تبعاتها و بات ذلك بما يعرف بالفشل الاول ( ذهاب الريح و قواصم الرياح )…
بعد سقوط الإنقاذ التي فتت جسم الإسلاميين الواحد ، كان ينبغي عليهم ان يتوحدوا اذ انتهت دواعي الخلف ، بل و صار التحدي أمامهم اكبر و أعمق ، و يجب عليهم وجوبا عينيا حفظ التوازن السياسي و الموروث الديني و الاجتماعي في ظل تطرف الحكومة الانتقالية العلماني …
وان كانت هنالك مساعي للوحدة بين التيارات الاسلامية المختلفة ، إلا ان إيقاعها بطيئ جدا ولا يتماشى مع المتغيرات المحلية و العالمية …
فعدم ولوجهم الساحة السياسية رغم قوتهم الغالبة ، و رغم الفرص الواسعة التي اتاحها لهم فشل الحكومة الانتقالية ، و المتمثل في الصراع على الحكم و الخواء الفكري و الايدلوجي و المتمثل ايضا في الانهيار الاقتصادي ، فيعتبر عدم ولوج الإسلاميين المعترك السياسي في راهنه الحالي تقاعسا و فشلا ثانيا لهم امام قواعدهم المتحمسة للتغيير …
قد يقول قائل ان الإسلاميين لا يرغبون إعطاء الجيش فرصة سيساوية تعيد التجربة المصرية في السودان خاصة بعد التقارب الاسرائيلي السوداني و التقارب الأمريكي السوداني ، و اقول ان ذلك ليس مسوغا لترددهم في التغيير لعدة اسباب منها : إن الحالة السودانية تختلف عن الحالة المصرية في التركيبة السياسية و المجتمعية ، اذ ان المهارة التي يتمتع بها المكون السياسي السوداني تستبعد اي دكتاتورية تفرضها قوى اجنبية ، و أن تجربة الشعب السوداني في محاربة التسلط و الدكتاتوريات بواسطة الثورات العظيمة ، سبقت المصريين و سبقت غيرهم من المجتمعات العربية و لن تستطيع أية قوة اجنبية فرض حاكم لا يرغبه الشعب و لا تقبله القوى السياسية السودانية …
و الاسلاميون يدركون حجم الفشلين ( فشل إصلاح ذات البين وفشل الاستجابة للقواعد في التغيير ) و لكنهم لا يريدون اضافة مسئولية تمزيق البلاد و اراقة الدماء …
و لكنهم لا يدركون ان البلاد تساق الى تمكين مغاير لعادات و تقاليد و ديانة الشعب السوداني مما يودي في نهايته الى تمزيق اكبر و اراقة دماء اكثر و يحقق اجندة اجنبية أحكمت خطتها في ذلك …
لا أرى بدا من مصادمة الواقع بوسائل أجدى سرعةً وأوسع انتشارا و أمكن حكمةً ما دام المصادمة اصبحت قدرا مقدورا و مصيرا محتوما و سيجنب الله البلاد شرا أتتها جنوده من كل ناحية و حدب …