مقالات
تريند

د. عبدالكريم محي الدين يكتب: الشركاء المتشاكسون

سوداني نت:

اثنان جبرتهم الحياة على الصداقة و زمالة بعض و كان كل واحد منهما يضمر شرا للاخر و لكنه لا يستطيع ان يفعل به شيئا لارتباط المصالح و تداخلها و أي ضرر يحيقه بزميله يرتد اليه هو نفسه …

و ذات يوم جلسا سويا و شاهد أحدهما من على البعد ( صقرا اسود ) فقال لرفيقه : ( دااك شنو  ؟ ) فقال له : ( دا صقر ) فقال له ( لا دا سخل وأمه عنز سوداء  ) وقال ذلك نكاية بصديقه و ليرفع ضغطه . وظلا في هذا الجدال ( سخل / صقر ، سخل / صقر ) الى درجة رفع الأصوات و المهاترات فطار  الصقر يحلق في السماء فقال احدهما : ( اها ما قلت ليك صقر ؟ ) فرد الاخر : ( والله كان طار ذاتو سخل ) …

هذه العلاقة بالضبط تشبه علاقة الشق المدني بالشق العسكري في الحكومة الانتقالية فكل طرف يكره الاخر و يحفر له الحفر و يدس له الدسائس و لكنه لا يستطيع ان يفعل شيئا في الوقت الراهن لاعتبارات المصالح و المرحلة …

و ما ان تعقد بينهما المصالحات و المهادنات و إلا سرعان ما تنهار و يخرج المدسوس و تظهر الحقائق و يأخذ التشاكس بعدا اخر في العملية السياسية بمحيطها المحلي و الخارجي …

و الشواهد على هذه العلاقة التجاذبية كثيرة جدا منها خازوق فض اعتصام القيادة العامة عام 2019 الذي دبره المدنيون و شاركوا فيه ثم الصقوه في العسكر  …

و منها تسابق الجانبين في الاستقواء بالمؤسسات الدولية و بالمحور الأمريكي حيث بادر الدكتور عبدالله حمدوك بطلب للامين العام للأمم المتحدة يطلب فيه بعثة اممية تختص بحماية المدنيين ( الشق المدني في الحكومة الانتقالية ) و تساعد في عملية الانتقال السياسي ووضع دستور البلاد و ضرب حمدوك سرية تامة على هذا الخطاب كي لا يعلمه العسكر فعندما كشفه البرهان في بداية فبراير 2020 و كان الخطاب قد ارسل بتاريخ 26يناير من العام نفسه هرول مسرعا للقاء نتنياهو في عنتبي بيوغندا ليستقوي هو الاخر بالتطبيع مع اسرائيل و يضمن حلف العرب و الأمريكان …

و تستمر الحرب بين الجانبين باردة مرة وحارة مرات اخر . ففي رمضان الماضي دبرت  بعض القوى السياسية المشاركة في الحكومة فخا وقع فيه الجيش حيث ادخلوا بعض مناصريهم لساحة اعتصام القيادة العامة في التاسع و العشرين من رمضان و استفزوا الجنود الموجودين بالموقع ليقع الاشتباك و تنفذ فيه اجندة الدماء و تلصق مرة اخرى للجيش فكانت حادثة رمضان الثانية …

وما كادت تهدا نار هذه الحادثة إلا و خرجت تظاهرات منسوبة لقوى الحرية و التغيير تتهم صراحة قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو و اخوه عبدالرحيم بارتكاب جريمة فض الاعتصام …

و البارحة خاطب الدكتور عبدالله حمدوك الشعب السوداني في الذكرى الثانية لفض الاعتصام مبينا ان السلطات استخدمت العنف في تلك الحادثة و لوح بتقديم الجناة للعدالة المحلية و للمحكمة الجنائية و يعتبر ذلك فيه تهديد مبطن لمن استخدم القوة في جريمة فض الاعتصام …

ولم تنته الاتهامات بين الطرفين حيث يتهم كل الاخر بتحمل نتيجة فشل الفترة الانتقالية اذ ذكرت عضو مجلس السيادة المستقيل عائشة موسى ان الجيش يهيمن على الجانب المدني في كل مستويات الحكم و يستأثر بالقرار مما دعاها للاستقالة …

وفي ذات الاتهامات خرج القايد العام للدعم السريع عدة مرات باتهام الحكومة بالفشل و ادعى ان هنالك مجموعة تسعى لاشعال الفتن في الأطراف لتطيل من عمر الفترة الانتقالية لعشر سنوات و اتهم جهات في قوى الحرية و التغيير بالكذب و عدم الجدية في تحقيق الديمقراطية …

وفي ظل هذا التشاكس و الانتصار للذاتي ضاعت قضية البلاد و ارتفعت أسعار السلع الضرورية و ازدادت معاناة المواطنين في صفوف الوقود و الغاز و الخبز و انفع سعر الدولار حتى قارب ( 500 ) جنيه و ارتفع التضخم لأرقام قياسية كما أظهرت ذلك التقارير الرسمية للدولة حيث أفادت بياناتها في مارس الماضي بارتفاع التضخم الى الكثر من ( 341٪ ) و كما زادت ساعات انقطاع التيار الكهربائي  الى ما يقترب من ( 10 ) ساعات في اليوم و اثر ذلك انقطع امداد المياه في كثير من احياء العاصمة القومية المطلة على النيل …

و في ظل هذا التشاكس تراجع الدعم الدولي للدولة برغم كثرة زيارات المسئولين للخارج و صارت وعود المانحين سرابا خادعا . فكلما يحين موعد للدعم يضرب موعد تالي ، و كلما ينفذ شرط في سبيله يأتي اخر اصعب تنفيذا …

كفاية هذا التقزم في القضية الوطنية و يجب ان يعترف الطرفان بالفشل الزريع اذ لا مخرج ابدا من هذا المأزق إلا بإحدى اثنتين ؛ إما ان تعقد مصالحات وطنية كبرى تعلو فيها البلاد و ينتهي فيها الذات . أو أن يتم تفويض الجيش لفترة انتقالية قصيرة مهمتها إعداد و تنفيذ  الانتخابات الحرة و النزيهة و المراقبة دوليا …

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٣١)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٣٠)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

تابعنا على “أخبار قووقل”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!