العين الثالثةمقالات
تريند

ضياء الدين بلال يكتب: معركة خاسرة!

سوداني نت

-١-

لا أعرف من الذي أشار على رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك إصدارَ ذلك البيان المتعسف الذي يفرض على المزارع قهراً وجبراً، بيعَ محصوله من القمح للبنك الزراعي؟!

بمجهودٍ قليل في الدراسة والبحث والاطلاع على تجارب السابقين، ما كان لحمدوك أن يختار لنفسه ذلك الطريق المغلق الوعر.

أيامٌ قلائل ستفرضُ تداعياتُ البيان على الحكومة التراجعَ عن القرار بالتعديل  أو الحذف.

بمنطق السوق:  القرار لن يحقق الكثير مما يدعم الخزينة الخاوية أو أن يخفف  ما عليها من أعباء.

وبحسابات السياسة: ستجد الحكومة الانتقالية- وهي  في أضعف  حالاتها  – نفسها في معركةٍ خاسرة مع قطاع حيوي وفعال له إرثٌ في المقاومة والمواجهات.

وبآليات التنفيذ: لن تستطيع القوات النظامية أن تراقبَ وتتابعَ جوالات القمح في  الأرياف  ما بين المنازل والحقول والأسواق .

-٢-

في بداياتِ حكم الانقاذ وقمة سطوتها العسكرية حاولتْ أن تفرض على المزارعين سياساتِها وأسعارَها بالقوة الجبرية لا بحسابات السوق، عرض وطلب.

من يخبرُ دكتور عبد الله حمدوك أن الإنقاذ بقوتها العسكرية وأمنها الاقتصادي والشعبي وقتذاك،  لم تستطع أن تُلزم المزارعين بما تُريد، فخاب سعيُها وخسرت معركتها بقوة صمودهم.

قرارُ احتكار بيع القمح للبنك الزراعي صدرَ في العام الماضي من الحكومة السابقة ولكن تراجعت عنه تحت ضغط المزارعين ورفضهم الصارم للخضوع  وامتناعهم عن الاستجابة .

ولم يكن أمام حكومة محمد طاهر إيلا من خيارٍ سوى تركِ المزارعين يقومون بتوريد التكلفة فقط للبنك،  وهم أحرارٌ في التصرف بفائض الإنتاج بعد إيفاء السداد.

-٣-

ببيانه غير الحكيم سيكون دكتور عبد الله حمدوك – المتخصصُ في الاقتصاد الزراعي- قد اشترى عداءَ القطاع الانتاجي الأول في السودان، دون أن يكون مُضطراً لذلك.

سيكون سؤال المزارعين المر : أين كان حمدوك في ليالي الشتاء وهم في الحقول أرجلهم في طين الأرض والناموس يتغذَّ من دمائهم ، واذا بعرق جباههم الشم  يراد له أن  يروح (شمار في مرقة)؟!

أين كانت حكومةُ حمدوك وبذور القمح تشق الأرض لتنبت الخير الوفير، رغم شح الوقود وضنين مياه الري وعسف الظروف ووغي أنثى الانوفلس  ؟!

لماذا لم يزُرْ عبد الله حمدوك مشروع الجزيرة لساعة واحدة، ليقف على الأوضاع ويزيل الصعاب حتى يستحق أن يُطاع اذا طلب  المستطاع ويُمتَثَل لقراره  اذا وضع توقيعه الأخضر على الورق؟!

-٤-

بعد أن كدَّ المزارع واجتهد وأوفت الأرضُ بما تعدُ وحان قطافُ الثمار، يطلُّ حمدوك عبر بيان متعالٍ غرور ليهدد ويتوعد المزارعين!

ترى هل هنالك من أخبر دكتور عبد الله حمدوك أن كثيراً من المزارعين قاموا بتمويل قمحهم من مواردهم الذاتية بتكلفة السوق الباهظة!

السماد وتجهيزات الأرض والحصاد والخيش  والوقود كلها بالسعر التجاري ، بعيدا عن دعم الحكومة وعونها ولو بالدعاء وطيب القول !

فكيف للحكومة التي لم تكن معهم حين البأس ووقت العسر ، أن  تفرض عليهم السعر والمشتري ؟

-٥-

لو أن في دائرة رئيس الوزراء من المستشارين من يقدمون له النصح من رصيد الخبرة والدراسة لما تورط حمدوك في إصدار مثل تلك القرارات الخاسرة.

لو كان بينهم أهلُ علم ومعرفة بطبائع المزارعين لما كان الخيارُ استخدام لغة تهديدية استفزازية لن تزيد المزارعين إلا قوةً وثباتاً  في  مواجهة القرار.

-اخيرا-

هي معركة خاسرةٌ في توقيت خاطئ بنتائج معادة من ارشيف الماضي!

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٠)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (١٩)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!