مقالات
تريند

طارق شريف يكتب: الهادي نصر الدين رحيل النوار خلسة !!

سوداني نت:

لم أري رجل امتزج بتاريخ مدينة كما امتزج الهادي نصر الدين بتاريخ مدينة أم درمان ، عشق أم درمان ، وكان يهيم فى حواريها كدرويش متجول ، وبادلته أم درمان نفس العشق حتى أصبح جزء من معالمها مثل الطابية والنيل وبوابة عبد القيوم ، الهادي نصر الدين كان يمثل عراقة أم درمان وروعتها .
لم يكن الراحل مجرد ظريف من ظرفاء أم درمان بل كان ذاكرة المدينة الفتوغرافية ، عندما أصدرت كتابي (أم درمان متحف الأصالة ) فى العام ٢٠٠٢ كان أهم مرجع فى الكتاب لندرة المراجع المكتوبة عن التاريخ الإجتماعى لمدينة أم درمان .
جلست معه لساعات وكان يسرد تاريخ الأسر والبيوتات الأم درمانية، كان أمينا فى سرده ودقيقا لأبعد الحدود . طريقة سرده مشوقة ومعلوماته مترابطة وتحتفظ بالترابط الموضوعى للأحداث.
رغم حبه للإعلام ومتابعته لكل وسائل الإعلام إلا أنه ظل يحرص على الابتعاد عن الظهور الإعلامى، حواراته الصحفية نادرة وكان يرفض الظهور فى التلفزيون ولكن صلة القرابة التى جمعتنى به جعلته لايرفض لى طلبا لحديث إعلامي أو توثيقى وكان يحرص على تمليكى كل ما أطلبه من معلومات ، كان حفيا بأهله وعشيرته ولا يفوت مناسبة إلا ويرسم الإبتسامة فى المشهد ، كان من أول الحضور فى عقد قراني الذى تم فى قبة الأمام المهدي .
وبعد انصراف الحضور سعدت بالحديث معه وطربت لتعليقاته الساخرة.
كان الهادي نصر الدين ساخرا على طريقته ونادرا على طريقته ولكن كل شئ عنده له حدود فعكس مايشاع عنه أنه يتحدث بلا تحفظ ، ظل الرجل يحتفظ بكثير من اسرار التاريخ الإجتماعى فى أم درمان ولايبوح بها وهذا هو سر أبتعاده عن الإعلام لأنه لايود الحديث عن التفاصيل والاسرار ويحتفظ بها لنفسه ولكنه احيانا يستخدم طريقة الوخز بالكلمات .
عاش الهادى نصر الدين بين الناس محبوبا متواضعا بادله الناس الحب ، يخرج من المنزل الى اى مكان يجد العديد من السيارات تتوقف له بمجرد وصوله الى شارع الاسفلت وفى العودة يتكرر نفس السيناريو.
أى شخص يقابله فى الشارع من شباب أم درمان يمكن أن يوضح له خارطة نسبه وتاريخ أجداده .
فى جانب اخر كانت للرجل طاقة هائلة على التواصل والمشاركة الإجتماعية يندر ان تجد الهادي يغيب عن مناسبة فى أم درمان يمكنه حضور عدة مناسبات فى اليوم الواحد وهو يحتفظ بنفس الإبتسامة والهمس الحنون .
لو كان الهادي نصر الدين فى دولة أخرى غير السودان الذى يسيطر عليه التاريخ الشفاهى ولانحفل فيه بتوثيق التجارب الإنسانية لكتبت فيه كتب وصور فلم وثائقي يحكى قصته الإنسانية.
غادر الهادي نصر الدين الدنيا الفانية بنفس البساطة ، دخل الى غرفته وأطفا القنديل ثم نام
نسال الله له الرحمة والمغفرة وأن يجعل نزله مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
رحل الهادي ولكن يبقى الرحيق .

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٩)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٢٨)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

تابعنا على “أخبار قووقل”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!