أمـا قبــلمقالات
تريند

“الصادق الرزيقي” يكتب: “الطيب” الذي عرفت .. الطيب الذي أعرف .. (1)

سوداني نت:

هو ليس علي الله بعزيز ، لكن تتحشرج الكلمات .. و يحتبس البيان ، ما أفدح الخطب الجلل ، فهل يطل تساؤل مماثل لما سأله محمد الفيتوري في ملحمته الوصفية عن إستشهاد السلطان تاج الدين سلطان دار مساليت و هو يهزم الجيش الفرنسي في معركة دروتي 1910م ، قبل أن تغدر به رصاصات صدئات أطلقها عليه جنود الجيش الغازي المندحر ، فسقط السلطان الشهيد مضرجاً بدمائه و نصره ، فبعد خمسة و خمسين عاماً كتب الفيتوري ملمحته ، و ثار سؤاله الجنوني ( أو تذهب حتي أنت …؟) و لم يقل ابداً أن السلطان قد مات ، إنما قال في مشهد الموت في القصيدة ( فرأينا تاج الدين يبدو و كأن قد مات ..) ..
هذا الرجل .. الطيب كالنفح .. الشامخ العزيز كما النجم ، القوي الصابر الصادق كالوعد ، يبدو و كأن قد مات ..! فمثله لا يذهب من الدنيا هكذا أو يموت كما يشتهي خصومه .. له في كل إتجاه معركة حامية مع الباطل ، و له في ظهر كل خائن و رعديد طعنة ، و عند كل زاوية يشمخ رمحه و سيفه الصقيل يصهل كما تصهل الخيل المطهمة العتاق …
مثل الطيب .. لا يرحل .. و كيف يرحل .. ؟ و كلماته العرائس تدب فيها الحياة … و مواقفه القوية الصلدة العاتية تنبض و لا تخبو ، تثور و لا تهدأ ، تجول و لا تتوقف ، تمور و تثور بلا نهاية ..
قلّ أن يجود زماننا الكؤود برجل مبدئي مثله ، تتكامل عنده الصورة ، و تنتهي لديه البدايات ، و تستجلي النهايات ، فيستخلص سريعاً النتائج و يستل موقفه الناصع الساطع من بين غبش الرؤي و ضباب المواقف و رماد الطريق …
قل أن يجود الزمان بمثله …صادقاً .. قوياً .. لا تنكسر له عزيمة ، و لا تضعف له شكيمة ، لا يريح جواده في غبر المعترك، و لا يلامس سرجه ظهر الارض .. رجلٌ مثل الصقر إذا ما إنقض ، السيل إذا ما هدر ، حسامه مثل البرق يخترق الظلمات … ظل هكذا حتي حين يظن اعداءه و خصونه أنه يبدو و كأن قد مات ..!
يرحل .. و يغيب .. لكنه و للعجب لا يرحل … ! فمثله لا يرحل … ينتظر هناك عند الطرف الآخر ، معركته لم تنتهي بعد .. ينتصر أو سينتصر ، فألاف الاجيال التي زرع فيها هذا النوع من التحدي و التصدي و القوة و وضوح الرؤية هي التي سيحاربها أعداءه من بعده .. لذلك هو باق في كل غضبة لله داوية ، و في كل نفس حرة أبية تنافح عن دين الله و كلمته ، وتحمي حماه ، و تستعد للموقف الفاصل ..
عرفت الطيب مصطفي من علي البعد ، قبل أكثر من ثلاثين عاماً و هو في مهجره ، من خلال كلمات متفرقات يكتبهن ، و حسن سيرة و سريرة تقال عنه و تروي ، فلما قابلته في منتصف تسعينيات القرن الماضي ، وافق كل شيء عنه .. مخبره و مظهره و معدنه ، و زاد عليها من إيمانه بمبادئه ثقته المطلقة في الله المعز المذل ..
توثقت به المعرفة ، عندما بدأ يكتب في الصحف السيارة في العام 2002م ، مقالاته حول حق شمال السودان في تقرير مصيره مثلما أُعطي الجنوب الحق في تقرير مصيره من الشمال ، و كانت إتفاقية مشاكوس يومئذٍ محمصة في نار القوي الدولية و الاقليمية غُلف سُمها بدسمها ، فإستل الطيب سيفه ، و مد مقدمة رمحه الطويل في وجه الفجر الشاحب آنئذ ، كان وحده في أرض المعركة ، إلتقينا عند ميدان مقالاته ، و كنت يومها مديراً للتحرير بصحيفة ( ألوان ) يكتب مقاله ( صفحة كاملة ) فيثير النقع و الجدال ، ثم أعلن و هو في قمة رفضه لمشاكوس و بدأت حينها مفاوضات نيفاشا و رشح عنها ما رشح ، عن تكوين ( منبر السلام العادل ) … بعزيمته التي لا تفتر طاف علي جميع القوي السياسية و المهتمين بالفكر و السياسة و المدافعين عن هوية البلاد و عزتها من عسكريين و سياسيين و نشطاء و أكاديميين و رموز المجتمع و المغتربين و رجالات الطرق الصوفية و الإدارة الأهلية .
نهض منبر السلام العادل في ذلك الآوان و إلتف حوله جموع من مختلف القوي السياسية و التيارات الفكرية المختلفة الرافضة للتدخلات الغربية التي صنعت توجهات نيفاشا ، لم يكن المنبر حزباً سياسياً في بداياته كان جماعة ضغط ضم من حزب الامة يومها رئيس الحزب الحالي المكلف فضل الله برمة ناصر ، و العميد بحري (م )عبد الرحمن فرح، و المحامي اليساري غازي سليمان ، و من الإسلامين د. عبد الوهاب عثمان و غازي صلاح الدين و د.قطبي المهدي و د. بابكر عبد السلام و حريكة عز الدين و من قدامي العسكريين الفريق اول مهدي بابو نمر و الفريق ابراهيم الرشيد و العميد(م)ساتي سوركتي و من الصحفيين المرحوم محمد طه محمد احمد و من النظار وكيل ناظر الجعليين و هبناي وكيل ناظر الهدندوة و غيرهم من كل المنابت و المشارب الإجتماعية والسياسية و الشخصيات العامة .
قاد الطيب مصطفي المنبر و تشمر لنزاعاته مع السلطة و حزب المؤتمر الوطني و هو يجهر برأيه و يقود المعارضة ضد نيفاشا و خرج من المؤتمر الوطني بعد جلسة عاصفة و نقاش محتدم 2004م مع البروفيسور إبراهيم أحمد عمر الأمين العام للمؤتمر الوطني في ذلك الوقت ..
و ذات يوم .. في منتصف العام 2005م إتصل عليّ هاتفياً لنتلقي بعد توقف الصحف عن نشر مقالاته بحجة إثارتها لقضية الانفصال ربما تم توجيه الصحف بذلك … جلسنا .. طرح عليّ فكرة إصدار صحيفة الانتباهة …
تلك قصة نرويها غداً … دعواتنا أن يشمله الله برحمته التي وسعت كل شيء …

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (31)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (1) حتى (30)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

تابعنا على “أخبار قووقل”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!