سياسيمقالات
تريند

د. “أمين حسن عمر” يكتب: رحم الله “الطيب مصطفى” قال كلمته … ثم ارتقى

سوداني نت:

بت بالأمس مطمئنا على الطيب،أهدهد هواجسي وأطرد وساوسي، وأصبحت هذا الصباح مفطور القلب على فراقه حسير، فمثل موت الطيب موت قد تكتئب له الكائنات جميعا، لأنه موت يسكت لسانا ناطقا بالحق لا يريم. الطيب وما ينبيك عن الطيب إلا الخلطاء الأخلاء، فقد قيل فيه كثير، عرفه أناس فعرفوا فضله فعرفوه، وجهله آخرون فأنكروه، فصار علما عند هؤلاء وأولئك. وسوف نسمع من أهل الفضل عن فضله شئيا كثيرا، فلا يعرف الفضل لأهله إلا أولو الفضل، وسوف نسمع من غيرهم غير ذلك، مما يليق بهم، فسنعيرهم آذانا صماء كما كان كان يفعل الطيب رحمه الله.

رحم الله الطيب رحمة واسعة سابغة تسع السموات والأرضين ، فقد كان نابس بالحق ناطق به طوال حياته ، لايرده عن ما يراه حقا راد ولا يصده صاد ، ولايعيقه مطمع ولا ترهبه مخافة. كان له قلب بالغ الحرارة، مثل المرجل يغلي ويفور، ولا يبرد أبدا. كان يرى الباطل كما لا نراه نحن، عاريا متجردا أغرلا لا يستحيي ولا يستتر ، وكنا وكان البعض يدارونه بألباسه المفسرات والمبررات، أو يسترونه بغض البصر والسمع أو بالإلتفات. لكن الطيب لا يصنع هذا أبدا، فهو لا يغضي عن باطل رآه ولا يسكت ولا يصمت أبدا. وقد كلفه ذلك غضب الأقربين فآذوه وحقد بعض الأبعدين فأبغضوه، لكنه مضى إلى آخر كلمات خطهن يراعه يقول بالحق الذي تبدى له، ويطلق زفراته الحرى الطوال، على ما آل إليه الحال.

قلت له يوما يا الطيب ليست الحياة كلها مصائب وأحزان، فغير هذا العنوان أو بدله، قال البعض يرى أحزانها بأكثر من أفراحها وقد صدق فقد كان مثل حذيفة بن اليمان ، يرى من الدنيا شرها ، لكنه لا ينكر خيرها، وقد صدق، فالحزن جائحة سريعة العدوى والفرح شيء ندسه في سويداء الفؤاد.

رحم الله الطيب فما أفاد من الدنيا شيئا كثيرا، ولم تك كفاه بعاجزتين عن الأخذ بما يحب ويشتهي منها ،ولكنه آثر ماعند الله، فما عند أجدى ،وما عند الله كثير، وما عند الناس ينفد، وما عند الله يبقى.

رحم الله الطيب فقد إرتقي وما نال من الدنيا ما أبتغى، وما كان يبتغي أكثر من وطن حر عزيز، عيشه كريم مرفه، كما يليق بالكرماء الشرفاء من أبنائه. رحم الله الطيب فقد كان المذكر إيانا، المؤنب لنا، والداعينا إلى صراط مستقيم، وهدانا من بعد الطيب لهذا الصراط المستقيم. اللهم لا تفتنا بعد الطيب، ولا تحرمنا أجره، وأغفر لنا وله. اللهم إن كان محسنا كما نراه، فزد في أحسانه، وأن كان مسيئا، فتجاوز عن سيئاته. اللهم أغسله بالماء والثلج والبرد، وطهره من الآثام كما يطهر الثوب الأبيض من الدنس، وأخلف علينا وعلى بلدنا وأهلنا من بعده بخير كثير وفير ،وعلى أهله وبنيه ومحبيه بخير كثير وفير . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!