سوداني نت:
ما تسمت الدولة بهذا الاسم إلا لأن أمرها يتداول بين أصحابه قبل ان يكون قرارا واجب التنفيذ و لأن حكمها يتداول بين الحكماء من شعبها و لأن دولاب حياتها يكون كل يوم هو في شأن …
فالدولة تقوم على أعمدة الشورى أو الديمقراطية كما عرفت بهذا الاسم في هذا الزمان و التي هي بدورها ( الديمقراطية ) تحتاج وسائل العصر و حكمته و تحتاج ضوابطه و لوائحه و قوانينه العادلة ( قانون الانتخابات النزيهة ) …
و تداول الحكم يمر عبر بوابة العدل فبدون العدالة يتفشى الغبن و يستشري الفساد و ينتشر الظلم و يأكل الناس بعضهم بكثرة التعديات و النهب و السلب و السطو و السرقات و الاغتصاب و الخروج على الاعراف و الديانات …
و غياب العدل يعني غياب الدولة بكاملها و يعني هيمنة العصابات على المجتمع و على ما تبقى من موسسات الدولة و القوي في هذه الحالة يتسيد الموقف و يفرض سياستة وواقعه الذي ينطلق من أناه و شخصه الذاتي …
و منذ ان تشكلت الحكومة الانتقالية في عام 2019 و حتى الان لم تشكل موسسات العدالة و على رأسها مجلس القضاء العالي و المحكمة الدستورية و النيابة العامة كما لم تشكل المجالس التشريعية التي تراقب الجهاز التنفيذي و تسن و تبتدر القوانين و التشريعات العادلة …
فكيف يحترم المجتمع الدولي دولة لم تقم بها موسسات العدالة و موسسات التشريع و الرقابة و لم تكن جادة في تكوين تلك المؤسسات بل قامت بدلا عنها لجنة أمسكت بيدها سلطة التشريع و سلطة التنفيذ و سلطة الرقابة بل و أمسكت هذه اللجنة بيدها سلطة القضاء و النيابة العامة و انشات لها جهاز امن و بوليس و صارت هي وحدها دولة داخل الدولة …
و كيف يضمن المستثمر الأجنبي سلامته و سلامة أمواله في ظل الهوى و الظلم و غياب العدالة و الرقابة و التشريع و من الطبيعي في هذه الحالة ان يفشل مؤتمر باريس و يظل أضحوكة تضاف الى المهازل اليومية …
ومن تلك المهازل قرار إغلاق المدارس لمدة شهر ثم الرجوع عن ذلك القرار قبل ان تمضي عليه اربعة و عشرين ساعة …
و من تلك المهازل عدم استطاعة الحكومة و المجلس السيادي و شركاؤهم على إنجاز مصفوفات التنفيذ الخاصة باتفاقية سلام جوبا و تكوين المجلس التشريعي …
من تلك المهازل الخروج الواضح على الوثيقة الدستورية التي وضعوها التزاما و لزاما عليهم و برغم من اعتلالها تعدد نسخها و تعديلاتها المتعددة إلا أنها اصبحت حبرا على ورق ولم يعمل بها لا المجلس السيادي و لا الحكومة الانتقالية إلا في مواضع مخصوصة فقط …
و برزت الدولة السودانية للعالم اجمع بتخبطها و ضياع بوصلتها العامة و فقدانها الاتجاه و التركز و اصبحت دولة خواطر يتحكم فيها القوي و تحكمها التحالفات الداخلية و الدولية و المبنية على أفراد و مجموعات بعينها …
لن تحترم دولة الظلم دولة و لن يدخلها مستثمر نظيف و شريف و تتهددها دول ذات سطوة و مصالح و بالتالي لن ترسو على حال ما دام ذلك هو حالها و اقرب اسم يمكن ان تسمى به هو دولة الظالمين أو جمهورية المزاج …