العين الثالثةمقالات
تريند

ضياء الدين بلال يكتب: أكرم شو!

سوداني نت:

-1-

قبل أكثر من شهر عقد وزير الصحة دكتور أكرم علي التوم وفي معيته وزير الإعلام الأستاذ فيصل محمد صالح، مؤتمراً صحفياً وتحدثا فيه عن وجود حالتي (اشتباه) بمرض الكورونا، لمواطنين قادمين من الخارج.

وقتها علقنا على ذلك الإعلان: بأن على الوزارة التأكد من الإصابة وتجاوز مرحلة الاشتباه إلى اليقين، ومن ثم تعقد مؤتمرها الصحفي للإعلان.

اضطرت الوزارة لملاحقة ذلك النشر الوزاري السالب بتوضيحات متعددة ومتتالية حتى تتلافى الآثار المترتبة على ذلك الإعلان المتسرع.

لم تمض أكثر من 24 ساعة حتى ثبت عدم إصابة المشتبهين بالمرض القاتل.

ولو أن وزير الصحة تريث قليلاً وقتذاك منتظراً نتائج الفحوصات، وقاوم شهوة عقد المؤتمرات الصحفية، ووضع في فيه منديلاً أبيض، لما زج بالسودان في قائمة الكورونا قبل شهر من الآن!

-2-

رغم الخفة غير المحتملة التي ظل يمارسها الوزير أكرم في الإعلان عن الأمراض الوبائية باحتفائية غريبة، مثل ما فعل مع حمى الوادي المتصدع وما ترتب من ضرر  على الاقتصاد ، إلا أن ذلك أعطى مؤشرا خادعا، بوجود حالة يقظة وانتباه – فوق المعدل الطبيعي- في تتبع الفيروس الصغير!

ولأن حالة اليقظة والانتباه كانت دعائية وبمعنى أدق (ادعائية) للشو الإعلامي وليست حقيقية، فإذا بنا نكتشف أن الحالة الوحيدة التي أعلنت الوزارة إصابتها بالمرض، جاءت عبر مطار الخرطوم ومنذ أكثر من عشرة أيام!

وظلت تتجول بين المستشفيات الخاصة والعامة، والمعامل العادية والمرجعية،  وتخالط الناس دون أي إجراءات احترازية!

إلى أن توفي الرجل رحمه الله وطيب مرقده وثراه، لم يثبت معمل استاك المرجعي إصابته بالمرض، وبعد موته قيل إن السير استاك ألقى القبض على الفيروس الصغير!

ولفائدة القارئ ولوجه الحقيقة:

قبل قضية المرحوم بأيام قلائل، وفي حمى التصفيات والإقالات الهوجاء،  تم إعفاء السيدة رحاب العاقب كبيرة التقنيين بقسم الفيروسات الوبائية بمعمل استاك من موقعها المهم والخطير، وهي الأكثر والأرفع تخصصاً في هذا المجال!

-3-

دع كل ذلك جانباً، رغم ما فيه من خلل وأوجه قصور تكشف وجود ثغرات كبيرة في اكتشاف المرض الخطير الفتاك.

من يصدق بعد الإعلان عن إصابة المرحوم بمرض الكورونا وفي تمام الساعة 12 ظهر الأمس،  تواصلت مع شقيقه وفوجئت أن وزارة أكرم لم تقم بأي إجراءات حجرية؟!

 

وكانت المفاجأة الكبرى بالنسبة لي، حينما أخبرني شقيق المرحوم أثناء حديثي معه أنه الآن في الطريق مع زوجة أخيه للبحث عن جهات الاختصاص لإجراء الترتيبات الوقائية اللازمة!

زوجة المرحوم هي من بادرت وسعت للتواصل مع أجهزة أكرم للاطمئنان على نفسها وأسرتها!

من الواضح أن الوزير أكرم ليس له ما يقدمه عملياً على أرض الواقع،  فهو قليل الخبرة شديد الحماس، مولع بالإعلام!!

ولأن مستوى الوعي والإدراك أصبح مع ثورة المعلومات والاتصال في أعلى درجاته، لم تعد الإدعاءات قابلة للصمود ولا الأكاذيب قابلة للتسويق.

بإمكان ناشط إسفيري مثابر أن ينسف كل ما يقوله مسؤول رفيع في مؤتمر صحفي، عبر تقديم معلومات حية، من قلب الحدث، تفاجئ المرتهنين للتقارير الديوانية المزيفة والمجملة للواقع!

 

-4-

للأسف الحقل الصحي في أسوأ أحواله، باعتراف الوزير الذي تحدث عن إغلاق المستشفيات وإلغاء العمليات وموت المرضى بسبب انقطاع الكهرباء.

فإذا كانت المستشفيات غير قادرة على القيام بمهامها الأولية البسيطة في المستوى الطبيعي المعتاد، فكيف لها أن تكون قادرة على التعامل مع تحديات الطوارئ والنوازل الفيروسية التي تحتاج لتدابير خاصة واستثنائية؟!

-5-

صحيح النظام السابق يتحمل جزءا كبيرا من الإخفاقات في الحقل الطبي، حيث كان ملف الصحة ملفاً صراعياً طوال الثلاثين عاماً بين مراكز نفوذ متعددة!

كان الأمل والرجاء أن تُولي حكومة الثورة اهتماماً كبيراً بالحقل الصحي من حيث الميزانيات ووضع الخطط، واختيار الكفاءات، على الأقل حتى توقف التدهور،  إن لم توفق في إصلاح الحال!

للأسف لم يفشل الوزير أكرم في إيقاف التدهور بل عجز عن الحفاظ على ما تحقق في السابق!

وأكبر دليل: اغلاق المستشفيات بعد تدهور أوضاعها والشلل التام الذي لم يصب المستشفيات الطرفية فقط،  بل حتى المركزية المعلقة بعد إنهاء الأيلولة بين الولاية والمركز!

-أخيرا-

المشكلة الأساسية في دكتور أكرم أنه مسيس أكثر مما يجب، ذو نزوع فرداني غير مؤسسي، ومشوش بصورة تثير القلق، وعَجِل بلا غاية وهدف، وهو غارق في مستنقع محاربة أشباح الماضي!

 

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (١٦)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (١٥)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!