مقالات
تريند

عادل عسوم يكتب: تساؤلات عن الابداع والقيم

سوداني نت:

يلحظ المرء بأن خطى الانسان في تسارع حثيث للارتقاء بالابداع الأنساني إلى منتهاه!
أدبا، وفنّا، ورياضة، وعمرانا، وتقنية، وعلما، وفكرا.
لكننا نجد الأديان منذ الأزل تضع أُطُرا وضوابطا (بعينها) على حراك الأنسان على عمومه، فهل هذه الأطر والضوابط تعد معينة ودافعة للإبداع إلى الأمام، أم أنها كابحة ومثبطة له كما يدعي العلمانيون والشيوعيون؟
لقد تكفل الله الخالق جل في علاه بابتعاث الرسل والأنبياء منذ خلق الانسان وقضى باستقراره في الأرض، وذلك لضبط وتأطير نسق حراكه، وقضى جل في علاه أن يكون مصير الأمم التي بغت وخرجت عن سياق القيم الهلاك والدمار لكي تكون عبرة للخلف من البشر!!…
فالدين بذلك يلعب أدوارا هامة ومتعددة في حياة الانسان، وهو-أي الدين- من قبل ذلك يقدم تفسيرات لأسرار الكون وغيبيات الحياة من خلال إمداد الانسان بمعينات تسهم في تنظيم سلوك الناس وضبط علائقهم الاجتماعية لجعل حياة الانسان اكثر أمنا واستقرارا وتصالحا مع النفس أثر تلقيه تفسيرات قاطعة للأسئلة الغيبية المتعلقة ب(من أين جاء) و(ألى أين المصير) و(لماذا خُلِق)؟.
ولنا هنا أن نتبين مقدار التوهان الفكري والعقلي والشعوري الذي إكتنف وجدان الشاعر أيليا أبي ماضي عندما نظم قصيدته طلاسم التي يقول فيها:
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرتُ قدامي طريقاً فمشيت
وسأبقى ماشياً إن شئتُ هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست أدري
وطريقي ما طريقي؟ أطويلٌ أم قصير؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور؟
أأنا السائر في الدرب؟ أم الدرب يسير؟
أم كلانا واقف والدهر يجري؟
لست أدري
أجديدٌ أم قديمٌ أنا في هذا الوجودْ؟
هل أنا حرٌّ طليقٌ أم أسيرٌ في قيودْ؟
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقودْ؟
أتمنى أنني أدري ولكن لست أدري

السؤال؛ ألا يشغل هذا (التوهان) الفكري البشر عن الإبداع؟.
ومن الأسئلة كذلك؛ هل صدق الذي قال ان الشعر الجاهلي قد كان مبدعا بأكثر من الشعر الذي نُظِم في صدر الاسلام؟
وهل صدق من قال بأن شعر حسان ابن ثابت قد كان الإبداع أظهر منه في عهد الجاهلية دون حاله من بعد أسلامه؟
قبيل الأجابة على ذلك لنتساءل ماهو الابداع؟
هل هو عمل الغاية منه ايصال المتلقي الى حالة شعورية بعينها، أم انه عمل يثري ويضئ ويضيف إلى وجدان المتلقي ليساهم بدوره في نهضة الأمة وانطلاقها على درب التمدن والرقي؟
هنا، اجد نفسي وقافا بين يدي الاية الكريمة التي وصف فيها الله الشعراء بأنهم يتبعهم الغاوون، وانهم في كل واد يهيمون!
يقول الشعراوي في تفسير هذه الآية الكريمة:
ومعنى {الغاوون} جمع غاوٍ. وهو الضال، وهؤلاء يتبعون الشعراء. لأنهم يؤيدون مذهبهم في الحياة بما يقولون من أشعار، ولأنهم لا يحكم منطقهم مبدأ ولا خُلُق، بل هواهم هو الذي يحكم المبدأ والخلق، فإنْ أحبُّوا مدحوا، وإنْ كرِهوا ذَمُّوا.
والدليل على ذلك: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ واد يهيمون}، لكن يستثني الحق سبحانه من هؤلاء الغاوين: {إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ}، وكذلك يستثن نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول (إن من البيان ساخرا).
إنتهى.
ومن الاسئلة كذلك:
ألا تجلب صورة لامرأة عارية المتعة الى نفس الرجل؟!
ألا يفعل العكس ذات الشئ بالنسبة للمرأة؟!
ألا يكون الزنا وشرب الخمر جالبا للمتعة؟!.
فالانسان ليس له سقف للامتاع اذا قايسنا الامتاع بالجوع والعطش، والسبب الأساس في ذلك ستحكام أمران بقواد النفس البشرية، .هما (هوى النفس) ثم (الشيطان).
ولعل تشريع الخالق للصوم في كل الأديان السماوية كان الغاية منه خفض سقف الأمتاع للانسان إذ الصائم تتراجع رغباته ومشتهياته دون المفطر الذي تتزايد مشتهياته اضطرادا يوما بعد يوم، وبالأخص اذا توافر المال ووجدت الصحة.
كلنا نقرأ عن قوم لوط الذين استهلّوا بجسد الانثى فنحتوه في قصورهم، وتراضوا بينهم بمواصفات للباس يكون فيه صدر الرجل والمرأة عاريا في الطرقات، ثم ازداد جماح الشهوة واللذّة لديهم فأضحوا يتلذذون بقطع الطريق، وقتل وسحل الناس بعد تعريتهم من ملابسهم، ثم تمادوا غيّا فقادهم هوى النفس وغواية الشيطان الى اللواط!.
هنا يمكن للمرء أن يتبين الحكمة الالهية بأن تشتمل الأديان السماوية الكثير من الضوابط والأطر ما يضمن تقصيرا مقدرا لسقف اللذة ولجم الشهوة، بل لقد أتت تلك الأديان لذلك بسبل (سليمة) للافراغ والإراحة بالصورة التي تضمن اشباعا متوازنا للنفس إفادة للفرد والمجتمع.
فذاك موسى عليه السلام بعد أن سقى للبنتين تولّى إلى الظل دون أن يتفرّس فيهما أو يطلب منهن مقابلا! …
وكذلك مريم عليها السلام كان باطن الأرض أهون عليها من أن يعلم الناس بأنها قد أحتملت جنينا دونما زواج شرعي!…
أما الاسلام فكلنا أدرى بتفاصيل معالجاته لأمر اللذّة والشهوة.
ولكن هناك العديد من المفاهيم المغلوطة في أذهان الكثيرين عن نظرة الدين إلى العديد من مناطات الابداع من فن وأدب وشعر ومعمار ورسم وغير ذلك.
إنهم الشيوعيون والعلمانيون ممن يسعون فرض أنفسهم اليوم في مشهدنا السياسيي في السودان.
[email protected]

إضغط هنا للإنضمام إلى مجموعتنا على الواتساب (٢٩)

إضغط هنا للمحاولة في بقية مجموعات الواتساب من (١) حتى (٢٨)

إضغط هنا للإنضمام إلى قناتنا على التليغرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!